اسطوانات تتلصص من زوايا مهملة
خلف البنايات وعلى جوانبها، وفي أماكن منسية تندس إسطوانات الموت وتنذر بأخطار وأمطار حمضية قاتلة. إسطوانات الغاز يحتال أصحابها وتختال هي مبتسمة ابتسامة عجفاء رجفاء، وكل من يمر حولها مهدد بما يتوعده من الخطر، وأصحاب المحلات يعرفون من أين تؤكل الكتف ويعرفون كيف يخفون ويختبئون ويدسون هذه القنابل الموقوتة، لكنهم لا يستطيعون إخفاء خطورتها على أرواح البشر. في بعض الأماكن يضع أصحاب المحال هذه الإسطوانات داخل أقفاص حديدية حتى تبدو أنها كوحوش ضارية محبوسة داخل هذه الأقفاص، ولكن الأقفاص لا تحمي ولا تحفظ ولا تمنع ولا تردع إن حدث ما لا تحمد عقباه؛ لأن الغاز المضغوط داخل هذه العلب الحديدية يمكنه لو حصل ما حصل أن يكبد المجتمع خسائر فادحة في الأرواح والأموال، ولكن للأسف الشديد فإن التحذيرات وإشارات التنبيه لم تُجد نفعاً مع أصحاب المحال، فهم ماضون في فعل الممنوع، مستمرون في تجاوز القوانين، ذاهبون نحو زرع الأخطار في طريق الناس إلى ما لا نهاية حتى يحدث الخطر، وبعد ذلك لا جدوى مع الشكوى ولا فائدة مع القول “آسفون”. فالأسف لن يعيد الأرواح التي تزهق بفعل هذا الفعل الشين، والأسف لن يصلح ما أفسدته هذه القوالب الميتة. أصحاب المحال محتاجون إلى يقظة ضمير ومحتاجون إلى وعي مجتمعي وتجاري بمدى خطورة ما يفعلون. محتاجون إلى ثقافة الاهتمام بكل ما يمنع الضرر عن الناس، ويفيد المجتمع الذي من خلاله يعتاشون، وعلى أكتاف أناسه تنمو وتكبر تجارتهم. اللا مبالاة تعبر عن روح عدوانية مبطنة، والتساهل في مثل هذه الأخطار يفيد بأن أصحاب المحال غير معنيين بما يصيب البلد الذي وفر لهم كافة الإمكانيات وسخر لهم جل ما يحتاجونه في استمرار وتنامي تجارتهم. أصحاب المحال يقولون داخل أنفسهم أنا ومن بعدي الطوفان، وهذه أنانية مميتة وذاتية مدمرة، الأمر الذي يفرض على الجهات الرقابية أن تفكر في حلول رادعة ووسائل حماية للمجتمع من هذه التصرفات التي لا تليق بمجتمع يفكر دائماً بتطوير أدواته وتحفيز قدراته لأجل النهوض بالاقتصاد وإبقائه دائماً قوياً معافى من التوعك. وإذا كان أصحاب المحال يريدون أن يمارسوا التجارة بأساليب بدائية، دون وضع حالة مجتمع الإمارات والنهضة الحضارية التي يشهدها والأنظمة والقوانين التي ترشد وتسند وتمهد الطريق لكل من يريد أن يعمل بأسلوب حضاري دون المساس بقيم المجتمع أو التعرض بالأخطار لأرواح الناس فإنه من الواجب التصدي لمثل هذه الظواهر الشاذة، ومواجهتها بحزم وجسارة حتى لا تتسبب بأدنى خلل للنسيج الحريري الذي ينشأ عليه مجتمعنا ويتطور بشكل مدهش، نقول لا بد من الحزم حتى لا يترهل المترهلون، ويتجاوز المتجاوزون، ويخسر الوطن.
علي أبو الريش | marafea@emi.ae