قرأت مؤخرا أن لجنة التنمية الاجتماعية الملحقة بالمجلس التنفيذي لإمارة دبي قد ناقشت وثيقة تحت عنوان سياسة حماية كبار السن من سوء المعاملة والتمييز والاستغلال الذي قد يتعرضون له داخل أو خارج منازلهم، وقد حددت الوثيقة تعريفا إجرائيا لكبار السن على اعتبار أنهم الأشخاص الإماراتيون والمقيمون الذين تزيد أعمارهم على الـ 60 عاما، ويتلقون خدمات وأنشطة صحية واجتماعية واقتصادية وترفيهية من قبل مؤسسات الرعاية المختلفة في المجتمع. إن هذا التوجه مطلوب وضروري بالنسبة للمجتمعات التي تعيش وضعا تنمويا متسارعا وتقلبات كثيرة تنعكس على حياة فئات وشرائح اجتماعية مختلفة ككبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، فهؤلاء إلى جانب تعرضهم لسوء المعاملة نتيجة ضعفهم وقلة حيلتهم فهم أيضا أقل الفئات قدرة على مسايرة التغيرات المتسارعة في المجتمع نتيجة عدم امتلاكهم للأدوات المطلوبة لتحقيق تلك المسايرة. إن التفات الحكومة لهذه الفئة دليل أكيد على الرؤية الشاملة للتنمية الإنسانية والبشرية في الإمارات، وهي دليل على أن ما تعرضت له هذه الفئة وما زالت تتعرض له من سوء معاملة واستغلال من قبل بعض أفراد أسرهم ومن قبل عمالة المنازل ومن في حكمهم ممن يقدمون لهم الخدمات والرعاية داخل المنزل أو المصحات والمشافي وغير ذلك، وفي الحقيقة فإن هؤلاء الكبار من الآباء والأمهات والأجداد والجدات والخالات والعمات، يحتاجون لهذه الحماية على اعتبارها تقيهم من السقوط في فخ سوء المعاملة والضرب والاستغلال والإهمال والقهر والوحدة والكآبة وغير ذلك، من هنا يمكن اعتبار هذا التوجه حيال كبار السن وقاية حقيقية أفضل من العلاج الذي قد يأتي متأخرا في أحيان كثيرة. إن هذه الوثيقة التي تمت مناقشتها في المجلس التنفيذي لإمارة دبي نحتاج لتعميم محتواها وأهدافها وفائدتها في جميع إمارات الدولة، لأن كبار السن في الإمارات يتعرضون للإشكاليات نفسها في كل مكان، كما أن إفرازات التقلبات والتغيرات المجتمعية والحياتية تنعكس عليهم بنفس الدرجة والمستوى، لذا فنحن نطالب بتعميم الوثيقة إماراتيا والدفع بالموضوع ليصبح قانونا على مستوى الدولة نأمل أن نسمع مناقشته قريبا تحت قبة المجلس الوطني الاتحادي وأمام السادة الوزراء في مجلسهم الموقر، فالقضية تستحق التبني والتجربة تستحق التعميم. على الأخوة الذين يناقشون هذه الوثيقة الهامة ألا ينسوا عاملا رئيسيا يؤثر في أوضاع كبار السن ونقصد به الخدمات الترفيهية الاجتماعية في الأحياء السكنية، فنحن نعاني في معظم أحيائنا من ندرة الأمكنة المعدة والمجهزة خصيصا لكبار السن والأطفال معا، بمعنى انه لا توجد أماكن كالنوادي أو المقاهى أو المجالس أو الحدائق مثلا يضمن لهؤلاء الخروج إليها وتمضية وقت مريح وجيد بصحبة أقرانهم ممن هم في مثل حالتهم وبصحبة أبنائهم مثلا، كما نجده في بعض المجتمعات المتطورة مما يضمن للكبار حماية مؤكدة من الوحدة والكآبة والزهايمر والحزن والأدوية المضادة للاكتئاب، هذه الأمراض التي تنتج عن الإهمال الشديد وفقد الأبناء وشركاء الحياة وفقدان الهدف والإحساس بأن لهم دورا في هذه الحياة. ayya-222@hotmail.com