الإرهاب هو المعادل الحقيقي والصريح للخراب والدمار والقبح وكل المعاني المليئة بالخطايا الأزلية والخالية من كل ما له صلة وصل بالمعنى الإنساني، الإرهاب الذي أفلتته على الدنيا يد مجرمة قبيحة تعلم أن مخططاتها لن تتم ولن تكون ولن تتحقق إلا بهكذا أساليب: قتل الأبرياء، تفجير الأمكنة، إسالة الدماء، وإشاعة الفوضي ليختلط الحابل بالنابل وتتأسس في غفلة من الجميع امبراطوريات أشد ظلامية مما نحسب ونظن.
صار الناس في سوريا يخشون الخروج، يخشون الصباح، يخشون المساء، يخافون الصيف والشتاء، والثلج والمطر، صاروا يخافون الحياة وكل ما يقود إليها لشدة الموت المتكاثف حولهم براً وجواً ومن جهات الأرض الأربع، وصار الناس في العراق يكرهون الأسواق والسيارات والمساجد وأضرحة الأولياء، لأنها صارت تمثل رديفا ثابتا للتفجيرات والقتل والدمار، وصار النار في تونس وفي ليبيا وفي لبنان وفي الجزائر يرتجفون حين يذكر الشارع والسلطة والحكومة، يرتجفون خوفاً من الغد وهلعاً من انتظار القادم، إنه الإرهاب الذي يضرب يومهم وغدهم وأطفالهم وأمانهم.
في مصر منذ أطيح بحكم الإخوان ومنذ تم فض اعتصام رابعة العدوية ويد الإرهاب مخلب القط المتوحش الذي يخمش وجه مصر كل يوم مخلفاً الدمار هنا والقتلى هناك والفوضى في الجامعات والشوارع، والخوف في كل النفوس، والحسرة على أمان المحروسة ولياليها ودفئها وحلاوة قلوب أهلها، لم يترك الإرهاب لمصر جنبا تتكئ عليه في قيلولة كسلى تهنأ فيها كما كانت، صار يضربها من كل جوانبها في الإسكندرية وسينا والقاهرة والمنصورة و.... يضرب الوزير والغفير والطفل والمرأة، الذين لا علاقة لهم لا باعتصام ولا بسياسة ولا بالسيسي ولا بالإخوان ولا بغير الإخوان، الإرهاب يضرب مصر، لأن المستهدف الأول هو مصر.
الإرهاب له ثأر مع الحياة، ومصر معادل آخر للحياة والضحك والجمال والروح الحلوة والحضارة والفن والموسيقى، والليل والسهر والحسين والمقاهي والآثار والسياح والسياحة والنيل وشواطئ الهوى في إسكندرية وغير إسكندرية، ولذلك فإن الإرهاب يضربها بلا رحمة وبلا هوادة، الفارق أنه يتخذ من الإخوان المسلمين مظلة وعنواناً وحماية وتبجحاً أيضاً، فهذه الجماعة كشفت كل أقنعتها وما عاد هناك متسع من حياء أو خوف، ما عادت تراهن على خسارة شيء أو ربح شيء، خسرت الدنيا والآخرة، فألقت كل أوراقها في سلة الإرهاب والقتل والتفجيرات.
تفجيرات الأمس مدانة ومرفوضة بكل المقاييس وفي كل الأعراف، فدم المسلم حرام، وإراقته بلا سبب عظيمة عند الله ومن أشد الكبائر، لكن مصر يجب أن تثبت ويحب أن تنتصر ويجب أن توقف هذا الدم، وأن تعرف كيف تضرب الإرهاب بيد من حديد، لأن هذا هو الدليل الوحيد على انتصار الحياة على الموت وعلى الإرهاب.



ayya-222@hotmail.com