الأربعاء الماضي، كنا أمام مشهد جميل، حمل الكثير من الدلالات، ونحن نشهد انعقاد أول جلسة لبرلمان المدارس، أجمل ما فيه جدية هذا النشء من الأعضاء المنتخبين، وهم من طلاب وطالبات المدارس في التعامل مع متطلبات العملية الانتخابية، وكذلك في المضيء لأداء دورهم كأي عضو من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الذي اجتمعوا تحت قبته ورايته. لقد كان انعقاد برلمان المدارس صورة من صور حرص القيادة الرشيدة على إعداد جيل الغد الواعد لحمل الراية وتسلم الأمانة لمواصلة مسيرة الخير والعطاء والنماء. وكان تعبيراً عملياً لذلك الحرص بتنمية الوعي والإدراك السياسي للنشء للمشاركة في رؤية الدولة، وبرنامج «التمكين» لقائد التمكين، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في خطابه بمناسبة اليوم الوطني في عام 2005. وهو البرنامج الذي أسفر عن زيادة الهيئات الانتخابية وشهد تجربتين انتخابيتين لأعضاء المجلس الوطني الاتحادي في دعم لمسيرة الشورى، والتجربة البرلمانية الإماراتية التي انطلقت في الثاني عشر من فبراير عام 1972 كأول تجربة برلمانية دستورية. لقد كان ظهور برلمان المدارس ثمرة مشروع رأى النور بتعاون المجلس ووزارة التربية والتعليم على مدى العامين الماضيين، ويمثل صورة للتعاون القائم بين المجلس ومختلف الوزارات والدوائر الحكومية، وهي السمة الخاصة بالتجربة البرلمانية في إمارات المحبة والعطاء، ومن دعامات تفردها. ولعل من أهم ثمار تجربة برلمان المدارس، ما تسهم به في غرس ثقافة الحوار والانفتاح على الرأي والرأي الآخر، وممارسة حرية التعبير وتنمية الوعي بالهوية الوطنية وتعميق المواطنة الإيجابية، وتعزيز الحس الوطني لدى طلبة المدارس، وقيم المواطنة الصالحة. فما جرى، أنهم تشربوا الممارسة الديمقراطية الصحيحة، وفن طرح المطالب وتبنيها، من دون تعصب أو تشنج، بما يعبر عن تطور الإدراك السياسي، وطبيعة التحولات والإنجازات والمكتسبات التي تحققت على أرض الإمارات. وتؤكد تلك الممارسة أهمية تكامل أدوار الجميع، أفراداً ومؤسسات، لمصلحة الإنجاز ومواصلة التنمية والبناء. وهو ما يميز الأداء البرلماني في الإمارات الذي يتسم بتعاون أجهزة الدولة من وزارات ودوائر مع المجلس الذي يحتضن اليوم ويرعى برلمان المدارس، تأكيداً على صلابة المسار ومتانة البناء. ومن خلال مجريات انعقاد أول جلسة لبرلمان المدارس، تتبلور تلك الرغبة الصادقة لدى من خاضوا التجربة في العمل لتحسين البيئة المدرسية التي جاؤوا منها، وهم يعرضون بحرية وشفافية قضاياهم المدرسية. ومن يطلع على شروط خوض التجربة، يدرك أنها لا تقبل غير المتفوقين دراسياً لكي يشاركوا في صنع الجديد لما فيه الصالح العام، ويسهموا بتميز في انطلاق أداء البرلمان المدرسي الذي هو أحد رهانات الغد، ويعبر عن تطلعات جيل جديد يخطو بثقة واقتدار نحو المشاركة بوعي في مسيرة البناء. يقرأ المرء في هذه الوجوه النضرة المستبشرة، اطمئناناً للمستقبل، وهم يمثلون المستقبل، ويلمس تصميماً على صون التجربة التي نجحت بحكمة القيادة في العبور بوطنهم نحو مرافئ الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار، لأنها قامت على الحكمة والنضج والإدراك والتدرج، بعيداً عن محترفي الشعارات، وهواة المغامرات، وحرق المراحل. ali.alamodi@admedia.ae