تتواصل أصداء الجريمة التي أودت بحياة حدث على يد مجموعة من أقرانه في دبي مساء الخميس الماضي، حيث تلقى11 طعنة أزهقت روحه وخلفت ألماً وحسرةً وذهولاً ضرب كل أسرة في الإمارات، ووسط هذه المكلمة ارتفعت جملة من الأسئلة والتساؤلات حول ما جرى وكيف جرى ولماذا؟، وكلها تحمل ألماً لا يختلف عن ألم الأم الثكلى بابنها. من كان يتصور أن “ضرابة “ بين “ربع الفريج الواحد” يمكن أن تؤول إلى هذا المستوى الدامي، بعد أن تربينا على”فزعة” رجال ذلك “الفريج الواحد”؟. وذهبنا بعيداً في شطط الحديث عن تأثيرات الهزة التي ضربت هذا المجتمع إثر تلاحق موجات البشر التي توافدت عليه من مختلف الأعراق والثقافات. لا نريد أن نعيد عبر هذه الزاوية ما جرى، فقد تناولته وسائل الإعلام بتوسع، ولا نتطرق إلى الجوانب القانونية للقضية وهي بيد جهات الاختصاص التي ستحيل الجناة للعدالة بعد انتهاء تحقيقاتها، ولكن نريد أن نتوقف جميعا كآباء وأولياء أمور أمام هذه الواقعة المؤلمة لنا جميعا. ولا شك أن ما جرى الخميس الماضي سيسجل في تاريخ جرائم الأحداث في دولة الإمارات، باعتباره مادة للدراسة والبحث والتمعن والتدبر من قبل الاختـصاصيين والباحثين الاجتماعيين. ومن خلال متابعتي للشأن المجـــتمعي من واقع عملي مر أمامنا العديد من جرائم الأحداث، إلا أن هذه تتطلب وقفة خاصة لخـصوصياتها من مختلف الجوانب والزوايا. وفي الغالبية العظمى من تلك الجرائم الدامية على وجه الخصوص كان السلاح الأبيض طرفاً في تصفيات” ربع الفريج الواحد”، ولم تخلُ بعضها من استخدام الأعيرة النارية كما حدث بصورة محدودة في بعض الأحايين. الليلة قبل الماضية تابعت تعليقات مسؤول رفيع في شرطة دبي أطل على شاشة تلفزيون دبي، وقد كانت تعليقاته من دون”زبدة”، وهو يعيد ويزيد بأن الأمر دخيل على مجتمع الإمارات ولا يرقى لمستوى الظاهرة من دون أي تفسير عن تأخر مثل الحملة التي تقوم بها شرطة دبي حاليا لمصادرة الأسلحة البيضاء من المراهقين والأحداث منذ جريمة الخميس الماضي. ولا ندري هل نحتاج أن يتحول الأمر إلى ظاهرة في جرائم الأحداث حتى نبدأ التحرك نحوها بالجدية والحسم الذي يستحق؟.في بعض الأحياء الشعبية القديمة في دبي والشارقة وعجمان تحديدا، والتي تعرفها الشرطة أكثر من غيرها تجد شلل المراهقين والأحداث في تجمعات تثير قلق أي شخص موجود في المكان، خاصة أن أمر انتشار السكاكين الصغيرة بينهم لم يعد بخاف على أحد وهم يقلدون ما تغرقه بهم بعض الفضائيات وألعاب العنف من خلال شبكات الانترنت، ويعتبرونها تعويضا عن “نقص ما”. وفي الوقت الذي أكدت فيه شرطة دبي التعامل بحزم مع الأمر، نأمل أن ينظر إليه من منظور أوسع لعدم تكرار ما حدث وفاء لدم الصبي علي محمد حسين وغيره . وهي بحاجة لوقفة لتفعيل دور الشرطة المجتمعية ومجالس الاحياء والمدارس لمحاصرة هذه القضايا المحدودة التي تطل علينا بين فترة وأخرى بصورة مؤلمة تدمي القلب وتفجع المجتمع، قبل أن تتحول إلى ظاهرة تتفاقم وتخرج عن نطاق السيطرة بشكل يهدد استقرار الأسرة والمجتمع .