مصداقية وكالات التصنيف
لا شك أن ما أثاره الكثيرون في الآونة الأخيرة من مخاوف بشأن مدى مصداقية وشفافية وكالات التصنيف الائتمانية الدولية لم يأت من فراغ، فالأزمة المالية العالمية كشفت خللاً يستدعي مراجعة آليات عمل تلك المؤسسات والإجراءات المتبعة فيها.
فوكالات التصنيف تتحمل جزءاً من المسؤولية عن الأزمة المالية وتداعياتها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تلك المؤسسات منحت بنوكاً وشركات عالمية تصنيفات مرتفعة، لنتفاجأ بعد فترة وجيزة بانهيار عدد منها، دون أن يكون هنالك أي تحذير من وجود مخاطر حقيقية تعصف بالوضع المالي لتلك المؤسسات، ما يضع علامات استفهام عديدة حول مصداقية وكالات التصنيف وآليات عملها.
وعلى صعيد مؤسساتنا وشركاتنا الوطنية، فالأمر مختلف تماماً، فعلى الرغم مما تتمتع به من ملاءة قوية وسلامة في الموقف المالي وقدرتها على الوفاء بديونها، تحجب عنها التصنيفات المتقدمة، وتتسابق الوكالات الائتمانية على إعادة النظر في تصنيفاتها من فترة إلى أخرى دون وجود معايير مقنعة تثبت تراجع أداء تلك الشركات والمؤسسات.
وما حدث مؤخراً من قبل وكالة موديز للتصنيف الائتماني وتصنيفها لعدد من الشركات التابعة لحكومة أبوظبي دليل واضح على افتقار تلك المؤسسات إلى المبررات والمعايير المنصفة، خاصة أنه لم يحدث أي تغيير على الوضع المالي لتلك الشركات أو غاياتها أو أنشطتها، كما أن موقف الحكومة اتجاهها لم يتغير، والتي أكدت في أكثر من مناسبة توفر الاحتياطيات المالية لتلك الشركات التي تمنحها القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية دون أي خلل.
هذا يقودنا إلى الحديث مجدداً عن أن التقييمات غير العادلة التي تصدر عن تلك المؤسسات تهدف إلى توجيه الاستثمارات إلى أسواقها بصورة أساسية، لذلك فإن استمرار وكالات التصنيف الدولية في التلاعب بتصنيفاتها والتعامل بمعايير مختلفة سيفقدها مصداقيتها ويدفع العديد من الشركات إلى عدم التعامل معها.
من المهم أن تتعامل وكالات التصنيف مع الشركات والمؤسسات سواء المحلية أو العالمية بمستوى متوازن من الشفافية حتى تستعيد مصداقيتها وتمارس دورها، كما أن مجتمع المال الدولي مطالب بمراقبة مثل هذه المؤسسات ووضع قواعد جديدة تحكم عملها وتضمن عدم تأثر التصنيفات بتضارب المصالح بينها لتجنب حدوث أزمات مالية مستقبلاً.
عمر الربايعة | omar.rabaia@admedia.ae