الوفاء في وطن الوفاء
تبرز أمامنا صورة من صور الوفاء في وطن الوفاء، ففي إطار حرص قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، على الوفاء لأبناء الوطن الذين ساهموا في بناء صرح الإمارات الشامخ، جاءت مبادرة وتوجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق اسم الشهيد سيف غباش على أحد شوارع أبوظبي، وغير بعيد عن أهم معلمين من معالم عاصمتنا الحبيبة الجامع الذي يحمل اسم القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمدينة الرياضية التي تحمل اسمه طيب الله ثراه.
لفتة نبيلة جليلة تجاه قامة وطنية بحجم الشهيد سيف غباش، الذي نهض بأدوار مهمة، وجهد طيب مبارك في مرحلة دقيقة من مراحل بناء الدولة الفتية في سبعينيات القرن الفائت، ونسج علاقاتها الإقليمية والدولية وسط ظروف بالغة التعقيد والتجاذبات السياسية في حقبة الحرب الباردة، وشهدت أكبر تحد للدولة الوليدة إلى جانب تحديات البناء والتنمية، تمثل في احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ليحمل- رحمه الله- الملف مبكراً أمام المحافل الدولية لإنهاء احتلال غاشم، مستمر حتى يومنا هذا، ويعتبر عثرة تعكر علاقات أبناء الخليج ودوله قاطبة مع الجارة إيران.
كان الشهيد سيف غباش، ومن خلال موقعه كوزير دولة للشؤون الخارجية صوت الإمارات وضميرها، وهو يتحرك شرقا وغربا في بناء علاقات أخوة ومحبة مع شعوب ودول العالم تنطلق من رؤى الآباء المؤسسين لوطن الوفاء بأن تكون الإمارات سنداً للأشقاء وعونا للأصدقاء، ووطناً يحتضن الجميع، ويتلاقى مع الجميع بروح نيرة إيجابية من التسامح والتعايش والتفاعل الإيجابي، تتبادل فيه المنافع والمصالح بالاحترام المتبادل، واحترام خصوصية كل طرف، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وكانت تلك اللبنات منطلقاً لما تحقق اليوم من مكانة دولية رفيعة، وسمعة عالمية مرموقة للإمارات في مختلف المجالات والميادين. وأصبحت جسراً للتواصل بين الحضارات، ومركزا اقتصاديا مهما يعتمد عليه في سوق يضم منطقة واعدة، تخدم أكثر من ملياري إنسان. وتحقق على أرضها تجربة تنموية رائدة، تعد ملهمة بكل معاني الكلمة لمن يريد.
وفي ذلك اليوم الأسود من شهر أكتوبر1977، وبينما كنت باتجاه جسر المقطع، عندما وجدت الطرق المؤدية لمطار أبوظبي القديم شبه مغلقة، وقد شُلت وتوقفت حركة السير عليه، وقبل أن نكتشف طبيعة الإجراء، علمت بالخبر الصاعق، فقد امتدت يد الغدر برصاصات حاقدة نحو سيف غباش أثناء وداعه عبدالحليم خدام الذي كان وزيرا لخارجية سوريا حينذاك. رحل عنا أبو عدنان في ذروة العطاء، وفي أمس حاجة الوطن لأمثاله من الرجال المخلصين.
لقد كانت احتفالية إزاحة الستار عن لوحة الشارع الذي يحمل اسم سيف غباش، مناسبة لخصت صورة اعتزاز وفخر وطن الوفاء بأبنائه ورجاله الأوفياء، وتقديره لأدوارهم الوطنية في رسالة للأجيال بأن العمل الخالص لأجل الوطن سيظل خالدا في العقول والقلوب، ويدونه التاريخ في سفر الخلود. وستظل سيرة وذكرى أمثاله مضيئة نيرة، ونبراسا للسائرين على دروب البناء والعطاء والمجد.
ali.alamodi@admedia.ae