عليه العوض
قلنا منذ أيام إن طاسة البطالة تائهة وإنه لا توجد مؤشرات دقيقة حول حجم مشكلة البطالة وهل نحن أمام مشكلة حقيقية أم أننا أمام مجموعة من التصورات التي لا تمت للعلم بصلة·
وطالبنا بإجراء دراسة دقيقة حول المشكلة التي يتقذفها البعض ككرة اللهب دون بيان معدلاتها الحقيقية، ولم يسمع أحد عن إحصاءات عن البطالة إلا من هيئة تنمية التي ذكرت أن أعداد المواطنين العاطلين عن العمل تتجاوز 26 ألف مواطن، وبعد أيام ردوا عليها بأن العدد المفترض للبطالة لا يتجاوز 6 آلاف مواطن، وصارت حالة من الجدل بين أطراف عديدة حول الحجم الحقيقي لمشكلة البطالة بل وصلت الحالة بالبعض إلى أنه لا توجد بطالة من اصله وأن الموجود مجرد حالة لعدد من المتقاعدين الباحثين عن عمل أو حالات من المواطنين العاملين في أماكن وظيفية ويرغبون في الانتقال إلى أماكن أخرى أفضل من حيث المزايا المادية والمعنوية والبدلات وغيرها·
وبعد ايام من السجال حول الرقم الحقيقي الذي لا تملكه جهة ما وبعد حالة الارتباك التي عاشها الباحثون عن عمل جاءت إحصاءات جديدة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتؤكد على لسان وكيل وزارة العمل أن نسبة البطالة لا تتجاوز 3% فقط من المواطنين·
ولم يقف وكيل العمل التي تتبعها تنمية عند هذا الحد بل أكد أن جميع الأرقام المعلنة عن البطالة في حاجة الى تدقيق ومراجعة للوقوف على الاعداد الفعلية مشددا على أن حساب البطالة ليس عملية بسيطة يمكن الوصول إليها بل يحتاج الأمر إلى جوانب أخرى متفق عليها دوليا حسب تعبير الوكيل·
جهات كثيرة دقت ناقوس الخطر في موضوع البطالة إلا الجهة التي يفترض بها ان تكون أول المبادرين والمحذرين من خطورة البطالة، الجهة التي يفترض بها أن تكون لديها إحصاءات دقيقة حول البطالة من حيث الجنس والمرحلة العمرية والحالة التعليمية والبعد الجغرافي والتخصص العلمي للمتعطل عن العمل·
فقط وزارة التخطيط هي الجهة الوحيدة المعنية بتزويد المجتمع بالإحصاءات الدقيقة حول البطالة في سوق العمل والنمو المتوقع في أعداد الخريجين والخريجات وغيرها من الإحصاءات التي ترصد المشكلة وتستشرف آفاق مستقبل سوق العمل ومدى استيعابه للخريجين والخريجات الجدد في مجالاته المختلفة·
فقط هي التخطيط التي لم تقدم صورة دقيقة حول هذا الموضوع الوطني الذي يهم مستقبل القوى البشرية الوطنية خلال الفترة المقبلة، وإذا لم تكن هناك مبادرة من التخطيط في هذه القضية الوطنية فمن يبادر ومن يتحرك ومن يضع النقاط على الحروف في هذا الملف الذي يهول منه البعض تارة ويهون منه البعض تارة اخرى؟·
وإذا ظل الأمر هكذا في التعاطي مع قضية البطالة فإن القضية ستظل تدور في مكانها دون الاهتداء إلى جهة ما تتكفل بتحديد معالمها بصورة موضوعية، ووفق دراسات مسحية لسوق العمل، وللمدخلات متمثلة في أعداد الخريجين والخريجات، وكذلك أعداد القوى الوطنية الراغبة في الالتحاق بهذا السوق·
إذا لم تتحرك جهة مثل التخطيط نحو هذه القضية فسنظل نردد عليه العوض في حل مشكلة البطالة التي لا نعرف حدودها حتى الآن·