مستثمرو الغفلة مجدداً
عادت للواجهة من جديد قضايا مستثمري الغفلة الذين يستغلون الظروف الجديدة في السوق العقارية، وبالذات في العاصمة أبوظبي وكذلك مدينة العين، خاصة بعد إلغاء نسبة الزيادة السنوية، والتي كانت محددة بخمسة في الفئة. وقد فهم بعض الملاك بقراءة خاطئة القرار دون أن يتوقفوا أمام النتائج السلبية التي ترتب على إطلاق العنان لرغباتهم في الزيادة من دون تبصر أو مواكبة للواقع.
ومن الظروف الجديدة التي ساعدت على عودة هذه القضايا كذلك ارتفاع الطلب على الوحدات العقارية بسبب استقطاب العاصمة للمزيد من القادمين إليها للعمل في المشاريع والتوسعات التي تشهدها قطاعات عدة في أبوظبي، إلى جانب النظام الجديد لسكن موظفي الدوائر المحلية في الإمارة.
بدأنا نسمع عن قصص ووقائع مبالغة بعض الملاك للإيجارات، وفي مثل هذه الظروف يتقدم «مستثمرو الغفلة» ببدلاتهم الأنيقة وحقائب اليد الرشيقة لإغراء طرفي العلاقة، كل بما يطلب، ويلبي احتياجاته. يصورون للمالك أنهم وُجدوا لراحته، وإبعاده عن إزعاج و«صداع» المستأجرين، ومتابعة شؤونهم وقضاياهم اليومية. فهم سيؤجرون له عقاره بأعلى الأسعار، ويدفعون المبلغ الذي يطلب دفعة واحدة، فقط بشيك آجل بعد أن يقبضوا هم من المستأجرين.
أما المستأجرون فيقوم هؤلاء«المستثمرون» باغرائهم بتوافر شقق للإيجار بأسعار معقولة، و«من المالك مباشرة» و«بدون عمولة»، وكل ما يلزم إعلان صغير في الصحف أو المطبوعات الدعائية التي تُوزع مجانا، لتنهال الاتصالات ويتدافع الضحايا لسرعة الظفر بالسكن المأمول. قبل أن يجدوا أنفسهم بعد فوات الأوان أمام صدمة مؤلمة. تتمثل في مطالبة ذات المالك لهم بدفع قيمة الإيجار المطلوبة منهم، لأن «مستثمري الغفلة» فروا بما دفعوه لهم. لذلك عليهم الدفع مرتين أو الإخلاء، وكلاهما مر. أما المالك المخدوع أيضا فيجد نفسه في دوامة لملاحقة «المستثمرين». قضايا تختفي لتظهر، وفي كل مرة تجد التربة والمناخ الملائم لها.
قبل أيام سجلت قضايا لمستثمرين من تلك النوعية في العين، والبعض منهم يتخذون مكاتب في إمارات أخرى يستخدمونها كواجهات، وملاحقين في قضايا شيكات بملايين الدراهم، جراء عمليات من النوعية التي أشرت إليها.
وجود المؤشر العقاري- الذي كثر الحديث عنه مؤخرا- سيساعد على تبصير طرفي العلاقة الإيجارية بهوامش التسعير لهذه الوحدة العقارية أو تلك. وضوح الأمور بالقانون يقضي على مناخات تقتات منها هذه الكائنات الطفيلية من السماسرة و«مستثمري الغفلة» الذين تخصصوا في استغلال الناس، وإيهامهم بقانونية ما يقومون به، وهم أعلم بحقيقة الوضع، وبالذات فيما يتعلق بالتأجير من الباطن، والشقق المقسمة، وغيرها من المخالفات. وهم يجدون بعد ذلك أن هذه النوعية من عقود الإيجار غير قابلة للتوثيق، وهو من شروط الاعتماد لدى كافة الجهات، وفي مقدمتها « الإقامة وشؤون الأجانب».
ملاك العقارات يتحملون مسؤولية كبيرة في وضع حد لما يجري، بالمساعدة على استقرار السوق العقارية، فالدولة توفر البيئة الجاذبة للأعمال واستقطاب الشركات التي وجدت بيئة صحية منافسة هنا لممارسة أعمالها، فاذا ببعض الملاك و«مستثمري الغفلة» بممارساتهم يخلقون واقعا يؤثر على الجميع في متوالية معروفة علينا التعامل معها، فكل الأطراف تتأثر بأي زيادات غير مدروسة أو منطقية.
ali.alamodi@admedia.ae