في الحرب على الإرهاب، انفتحت النوافذ الفكرية، كما انفرجت أسارير الليبراليين، فاعتلوا المنابر الإعلامية، وصدحوا وصرحوا وأحياناً جرحوا، وصارت الساحة السياسية بالنسبة لهم مشرعة على آخر مصاريعها، ولف لفيفهم، وسار حولهم وتبعهم الكثير ممن أغرتهم الألوان الزاهية للحرية، وممن سال لعابهم لشكل الديموقراطية، واعتبروا ذلك فجراً انبلج نوره وشعشع ضوؤه. وتطور الأمر وأصبح الفيسبوك لعبة الطامعين والطامحين، فكما يلعب الصغار بالبلاي ستيشن في داخل البيوت في الغرف المغلقة، صار هذا الصندوق الصغير «الفيسبوك» أداة الانتشار السريع لقوة التدخل الثقافية، فانتشروا وحشدوا وتفشوا وناقشوا وحاوروا حرية الفضاءات المفتوحة، وبدا الأمر أمامهم، فرصة سانحة للثأر لسنوات طويلة من الكبت والصمت. وأعطت الشرارة الأولى من تونس الضوء الأخضر، لجماعة الفيسبوك، لكي يمدوا النظر إلى مصر ثم ليبيا، واليمن، والأرقام تتوالى في تساقطها، حتى فتح جماعة الفيسبوك عيونهم، واستيقظوا على وصول جماعة أخرى إلى سدة الحكم، كانت تعمل بالخفاء، وتدس أنفها بصورة نورانية عجيبة غريبة، رهيبة، مهيبة، مريبة، وبعد أن انقشع الغيم، وبانت خيوط الشمس، أعلنت الجماعة الخفية عن نفسها بصراحة، وفداحة، وقال زعماؤها نحن الطلائع، نحن الأصلح والأفلح. وبالفعل، نجحت فرقة الإخوان المسلمين في الوصول وتوارى الليبراليون، خلف الحجب السوداء، لأن الإخوان يعرفون من أين تُؤكل الكتف، ولأن جماعة «الفيسبوك» «الليبراليين» وقعوا في شرك خدعة كبرى وصدَّقوها، وظنوا أن مَن أعلن الحرب على الإرهاب، سوف يقدم لهم هدية كبرى، ولا يعلمون أن العالم تحكمه المصالح، وأنه حتى الحرية المزعومة، محسوبة بمقاييس، ومعايير لابد أن تتناسب مع مصالح الدول التي ترفع هذا الشعار. وبالتالي فإن الليبراليين خسروا القضية، والأوطان التي ادعوا لها الحرية خسرت السيادة والريادة، ولم يفز غير المتخفّين، والذين انسلّوا من بين الجموع، ليتقدموا الصفوف، ويتربّعوا على رأس القائمة، أما جماعة الفيسبوك «فكأنك يا بوزيد ما غزيت»، والآن لا ينفع الفريق التعلق بحبال الوهم، لأن الطيور طارت بأرزاقها، وأصبحت أكثر من دولة عربية رهن الاصطفاف الإقصائي والإلغائي لجماعة لا تعرف غير “الأنا” ومن بعدها الطوفان. Uae88999@gmail.com