النسيان سمة هذا العصر، فذاكرة الصغير قبل الكبير أصبحت تخونه، ربما هي زحمة الحياة، وربما أن الذاكرة لم تعد تتحمل العديد من الذكريات.
لذا يلجأ المخ إلى مسح العديد من البيانات، خصوصا تلك اليومية التي نقوم بها بشكل تلقائي ويومي ودون تفكير.
في أحد الأيام وبينما كنت أستعد للخروج من العمل فإذا بي أتفقد محفظتي أثناء خروجي ولم أجدها، عدت أدراجي إلى المكتب بحثت في كل أرجاء المكتب ولكن لم أجدها تذكرت بعد ساعة من البحث أني طلبت من أحدهم أن يضعها على مكتبي هذا الصباح ولكنها ليست هناك والشخص قد غادر المكتب وهاتفه مغلق!.
ظللت أبحث عن محفظتي ففيها كل بطاقات البنك الائتمانية بالإضافة إلى بطاقاتي الصحية ومصروفي، طوال الوقت يدور في ذهني أمر واحد فقط كيف سأتصرف بدون محفظتي كل ما أملك يختبئ داخلها، لن استطيع أن أتحرك بدونها!.
جلست يائسة وقد جف حلقي فتحت "الثلاجة" لأتناول الماء فإذ بي أرى محفظتي فرحت قائلة "وجدتها.. وجدتها.. إنها هنا في البراد".. ورد علي أحدهم "تجمدت حساباتك إذن". لا أعرف لماذا تم وضع محفظتي في الثلاجة ولكنني فرحت بالعثور عليها رغم البرودة التي تجتاحها.
جمدت حساباتي وجمدت معها لدقائق، على غفلة منا نعي ارتباطنا بأشياء صغيرة نحملها دون الاهتمام الكافي بها إلا عندما نفقدها ولتغدو في تلك اللحظة فجأة من أهم ما نملك ومحورا لحياتنا فبدونها لا نستطيع أن نحيا!.
نتحول كآلة تعمل برتم معين وتحت إيقاع واحد فاي تغيير في هذا الإيقاع يضيع اللحن أو يوقف عزفنا. الروتين مهما كان آمنا لنا فهو يشل العقل ويدخلنا في دائرة مغلقة لا جديد فيها، اليوم كالأمس والغد كذلك، نقوم بنفس العادات ونفس الحركات وردات الفعل.
لا حياة مع الروتين لا تحد ولا إنجاز حقيقي يحسب للفرد.
ويبدو أن النسيان في هذه الحالة يقوم بعملية كسر لهذا الروتين، وتنشيط دور العقل الذي يرفض أي عمل جديد يدخل على هذا الروتين مثل الطلب من أحدهم وضع المحفظة على الطاولة فهذا أمر طارئ لا يحدث دائما، ولكن عندما يغدو النسيان جزءا من هذا الروتين ويدخل إلى هذه الدوامة تنقلب الأمور لتغدو مأسأوية في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى تكون نعمة.
ameena.awadh@admedia.ae