لن يتمكن الرياضي - أي رياضي - من تحقيق إنجاز بدعاء الوالدين، ولن ينفق على إعداده وبطولاته بالدّين، والموازنات والدعم كما علمنا وكما سمعنا وكما قرأنا.. يذهب في معظمه إلى تلك الساحرة المستديرة التي خطفت العقول والألباب، وبالتالي فإن قدرة أي رياضي على المنافسة ودخول الأجواء العالمية، باتت بشكل أو بآخر مرهونة بمساندة ودعم ووقوف شركاتنا ومؤسساتنا الوطنية، التي تدرك هي الأخرى أهمية الرياضة، وكونها منصة رائعة ومهمة وجذابة للترويج لأنشطتها والتحليق بها على أكتاف الأبطال فوق منصات التتويج. والمتابع للساحة الرياضية، لا يمكنه أن ينكر وجود رعاة مهمين يقومون بأدوار مقدرة في دعم الرياضيين، غير أنه لن يمنع نفسه من التساؤل عن طبيعة الرعاية وكيف توجه إلى اتحاد أو رياضي دون غيره، وكيف أن معظم الرعاة يتجهون إلى الاتحادات والرياضيين الذين يمكن أن نطلق عليهم «vip»، وهو ما يعود إلى عدة اعتبارات يمكننا أن نفهمها إذا فهمنا واقعنا وكيف نقيم الأمور بالمشاعر والعواطف أكثر من الاعتبارات العقلية، وكيف أن المجاملة قد تقودنا لتبني موقف، بغض النظر عن حاجة هذا الاتحاد للدعم أكثر من غيره، وبغض النظر عن القيمة التي سيجنيها الطرفان معاً. أنا لا ألوم شركة بعينها على رعايتها لاتحاد ما، لكنني أنشد المساواة، وأنشد المنطق، وأن تنطلق استراتيجيات الرعاية من احتياجات فعلية، بدلاً من أن ترتكز في معظم معطياتها على معرفة عضو مجلس إدارة الاتحاد «الفلاني» بعضو مجلس إدارة الشركة «الفلانية»، وهو حتى وإن كان أمراً لا غبار عليه، ويصب في صالح الرياضة، إلا أن السؤال يبقى: ماذا يفعل من لا يمتلكون العلاقات، ولا يجيدون فنون المجاملات. أعرف اتحادات كثيرة تضج بالشكوى من تجاهل الرعاة والمعلنين، وتنظم البطولات والفعاليات، دون أن تجد عوناً من شركة واحدة، وإن وجدت فإن المقابل دراهم معدودات ذراً للرماد، بينما هناك رياضات أخرى ترفل في ثياب البذخ والإمكانيات التي قد تفيض عن حاجتها. هناك نماذج كثيرة من الهيئات الوطنية تعرف كيف توجه دعمها إلى مكانه الصحيح، والبعض يعرف كيف يقيّم البطل الحقيقي ويدعمه، والبعض الآخر يجيد الاستثمار في المستقبل، بعيداً عن «الطنطنة» والضجيج، لكن هذا لا يمنع وجود فريق آخر، يوجه دعمه دون مراعاة لتلك الحسابات أو الاعتبارات، في الوقت الذي من المفترض أن هناك إدارات داخل هذه الهيئات تتولى مراقبة المشهد الرياضي، ووضع خطط رعاية تنطلق من أهداف مشتركة للجانبين، وتبحث سواء في قلب المشهد، أو حتى بين هؤلاء الأبطال الذين يعملون في صمت ويحققون الإنجاز في إنكار ذات. لم تعد الرياضة ما نشاهده حولنا فقط، والرياضي قبل أن يصل إلى انتصار أو منصة تتويج يمر بمحطات من الإعداد الذي يصل حد الإجهاد.. الرياضة باتت من دعائم الاستثمار ولن تسير دون أن تتكاتف حولها جهود الجميع، يعينون اللجنة الأولمبية والهيئة العامة على مهامها المتشعبة، التي تتضاءل أمامها الموازنات، وأحياناً تساوي تكلفة بطولة واحدة نصف موازنة الهيئة، التي من المفترض أن تنفق منها على عشرة اتحادات. أثق كثيراً في قدرة مؤسساتنا وهيئاتنا وشركاتنا الوطنية على فهم الرسالة واستيعاب مغزاها الحقيقي، وإذا كانت الكثير من شركاتنا قد تجاوزت برعايتها حدود المحلية، ووصلت إلى العالمية برعاية أندية وفعاليات خارج الحدود، فليس أقل من أن توجه بعض اهتمامها إلى الساحة المحلية، ليأخذ الطرفان بيدي بعضهما إلى آفاق نصر مشترك يعود بالخير عليهما معاً. كلمة أخيرة: الانتصار سلعة لا تقدر بثمن والرعاية شراكة من أجل غايات نبيلة محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae