نحن وإيران
في السياسة فن الممكن، وفي الحياة إنسان ووجدان وتاريخ، وقد تكبو السياسة، وقد تخبو أو تصبو أو تسير بما لا تشتهيه السفن، ولكن الإنسان، هذا الكائن المنحدر من تربة وترائب يقبض على التاريخ، بقلب معشوشب بالحب، ووجدان عامر بأشجار الوجود الوارفة، التي لا يمكن لسياسي أو سياسة أن تخطف جذورها، أو تقطف ثمارها إلا بوعي التاريخ، وهكذا فالإمارات عندما تمارس السياسة فإنها تبدأ من التاريخ منسجمة مع الوجدان الإنساني، متداخلة مع متطلبات الإنسان، ولا تحيد بلادنا ولا تشذ عن هذا الثالوث المقدس، الأمر الذي يجعلنا دوماً في علاقتنا مع الآخر، نضع الإنسان وتاريخ علاقاته، ووجدانه المكرس في القلب في مقدمة الأولويات، لذلك فإن مسؤولينا في كل لقاءاتهم وزياراتهم وتصريحاتهم حول العلاقة مع إيران، يضعون التاريخ وجذوره في حقل اللقاءات، مؤكدين أن الإمارات تتقدم دائماً بحب نحو الآخر، وذلك بقوة الإرادة وصلابة الموقف وجسارة العزيمة وعمق الإيمان، بأن الحب محور القوة ومنطلق العلاقة المتوازية مع الآخر دون زيادة أو نقصان بالثوابت، وكذلك القواسم المشتركة. فمنذ أن احتلت إيران جزرنا الثلاث في عام 1971، والإمارات تضع العقل قائداً لعجلة السياسة، وتمارس حقها في تثبيت الموقف حول ما أُخذ بالقوة، بحصافة العقل، وفصاحة المنطق، وجراحة القرار، ولم تتوان يوماً بلادنا عن المطالبة بحقوقها الشرعية، عبر المحافل الدولية ومنصات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن محتفظة بالعرف التاريخي وما يجمع الشعبين الإماراتي والإيراني من علاقات تمتد جذورها إلى مئات السنين، لأن العقلية التي رباها زايد الخير طيَّب الله ثراه، تمرّست في بناء المواقف على أسس منطقية واقعية، مسيرة بنفس مطمئنة، لا تشوبها شائبة التوتر ولا ينتابها رجفة ولا خفة. وهكذا فإن هذا الموقف الإماراتي، القدوة والمثال في معالجة القضايا الشائكة، يحتاج أيضاً إلى انتباهة إيرانية ومن ذوي الحكمة في هذا البلد الجار، ولا تخلو إيران من الحكماء، ومن الذين يعرفون جيداً وزن الإمارات اليوم، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويعرفون جيداً أن الجزر الثلاث لن تضيف بُعداً جغرافياً لتضاريس إيران، ولكنها حق شرعي، وتاريخي يجري مجرى الدم في عروق أبناء الإمارات.
Uae88999@gmail.com