«بصراحة ما عندها سالفة»
دائماً ما تعقد المقارنات الظالمة بين الجماهير العربية ونظيرتها الأوروبية، ودائماً ما ننظر إليهم وكأنهم من كوكب آخر، نعم هم يتقدمون علينا بمئات السنوات الضوئية، ولكن طالما أن الحياة مستمرة، فلن نيأس ولن نمل، فلا معنى للحياة وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
هؤلاء الأوروبيون لديهم أفكار غريبة، وتصرفاتهم أغرب، تجعلنا نفتخر كثيراً لأننا عرب، وما حدث من قبل الجماهير الألمانية في مباراة شالكة الألماني وريال مدريد الإسباني في دوري أبطال أوروبا هو خير دليل وبرهان، لنكتشف من خلاله الفرق بين عقلياتنا وعقليات الألمان.
المباراة التي أقيمت في عقر دار شالكة انتهت بفوز ريال مدريد بستة أهداف مقابل هدف، لا يهم كيف سارت المباراة ولا صاحب الأرض الذي خسر أو الضيف الذي فاز، ولكن ما تسبب لعقليتي العربية بلوثة وما أصابني بالاشمئزاز، هو التفاعل الجنوني والذي لم يهدأ طوال المباراة من قبل جماهير شالكة الحزينة، وتعاملها العجيب مع فريقها وهو يتعرض لهزيمة مهينة.
قرابة 55 ألف متفرج ظلوا يهتفون ويرددون أهازيج فريقهم، ويشدون من أزر لاعبيهم رغم ما لحق بهم في عرفنا العربي من العار والذل، فهل هذا هو الصواب وهل هذا من العقل؟، فهل جن جنون هؤلاء القوم وهم يتفاعلون بحب مع فريقهم الذي كان يتلقى الصفعة تلو الأخرى بلا حول ولا قوة، أم تراهم فقدوا ما تبقى في وجوههم من حياء ولم يعد لديهم شيء من الإحساس والنخوة.
لماذا لا يتعلمون من جماهيرنا العربية، دروساً في رفض الهزيمة بغض النظر عن أنها تجري في أوعيتهم الدموية، وليحصلوا منا على «كورسات» في الكبرياء والحمية، وتخيلوا أن ما حدث لشالكة من هزيمة نكراء ونتيجة كبيرة، تعرض له أحد فرقنا المحلية وتأملوا ردة الفعل الطبيعية والمتوقعة من جماهيره.
فبعد الهدف الأول لن تهبط معنويات الجماهير ولن تتحطم، ولكنها ستبدأ بتوجيه أفخر أنواع الشتائم للحكم، وبعد الهدف الثاني قد تشعر بالكثير من الغضب، وستدشن أوبريت من السباب للاعبين والمدرب، وبعد الهدف الثالث وقبل استئناف اللعب، ستبدأ الجماهير بالهرب، وستقوم بتنفيذ حركة الانسحاب التكتيكي ومغادرة الملعب.
لا أدري كيف أن شالكة وهو خسران بسداسية على ملعبه وجماهيره لم تتوقف عن التشجيع، وظلت أعلامها مرفوعة ومرفرفة، ولا أعلم طالما أن السفاح هتلر هو أبرز مشجعي النادي تاريخياً فمن أين لجماهيره هذا الحب وتلك العاطفة، وتسأل أحد جماهيرنا عن رأيه بهذه الجماهير ليجيبك بلهجتنا المحلية الدارجة: «بصراحة ما عندها سالفة».
Rashed.alzaabi@admedia.ae