السُمنة، الضغط، السكري، أمراض القلب، تصلب الشرايين، من أكثر الأمراض فتكاً وشيوعاً بيننا، خاصة في الفترة الأخيرة التي فتحنا فيها الطريق مُشرعة لتتمكن هذه الأمراض الخطيرة والمزمنة من التفشي بين أفراد المجتمع، وأهملنا في الوقت نفسه الجانب الوقائي من هذه الآفات التي لم يعرفها آباؤنا وأجدادنا، بشكلها وصورتها المنتشرة بيننا الآن، رغم ما ندعيه من تطور في العلم والطب، فسلوكياتنا هي في الحقيقة السبب الرئيس في إصابتنا بهذه الأمراض الخطيرة وانتشارها بيننا، مما ترتب عليه أن دفع المجتمع والدولة الثمن باهظاً سنوياً.
وما يزيد الطين بلة، ويفاقم من حجم المشكلة الحقيقية، انتشارها بشكل كبير بين المراهقين والبالغين، والسبب الرئيس كما تقول الإحصائيات والدراسات التي تجريها مختلف الجهات المعنية، هي العادات الغذائية السيئة، مثل الاعتماد على الوجبات السريعة وقلة الحركة والعزوف عن ممارسة التمارين الرياضية، وتمثل هذه الأسباب مجتمعة ما نسبته 95% من أسباب تفشيها.
تُعرف السُمنة، أو فرط الوزن على أنها تراكم الدهون بشكل زائد، ومفرط ما قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، وتعد نسبة كتلة الجسم مؤشراً بسيطاً للوزن مقابل الطول وتستخدم عادة لتصنيف فرط الوزن والسمنة بين البالغين من السكان والأفراد عموماً، وتحسب تلك النسبة بتقسيم الوزن “بالكيلوجرام” على مربع الطول “بالمتر المربع”.
وتُعرّف منظمة الصحة العالمية، فرط الوزن، بأنه الحالة التي تبلغ فيها نسبة الجسم 25 أو تتجاوز تلك النسبة وتُعرّف “السمنة” بأنها الحالة التي تبلغ فيها تلك النسبة 30 أو تتجاوزها، وتعد هاتان النسبتان مرجعاً مهماً لتقييم فرط الوزن والسمنة لدى الأفراد.
فأرقام منظمة الصحة العالمية وفق موقعها الإلكتروني تشير إلى أن الإمارات تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً بنسبة 33,7%، بعد المملكة العربية السعودية التي تحتل المركز الثالث، والبحرين سادساً ثم الكويت في المرتبة السابعة.
إذاً فالسمنة أحد الأمراض المهددة للمجتمع، واحد الأمراض الفتاكة، والمكلفة علاجياً وجسدياً، وفي الوقت نفسه فإن الوقاية منها بسيطة، وغير مكلفة، فقط هي تحتاج إلى اهتمام ورعاية ووعي، وثقافة أكثر منه علاجاً، وهو ما يحتم علينا جميعاً التكاتف للعمل على تقليل انتشار هذا المرض الخطير في مجتمعنا والحفاظ عليه من إحدى آفات العصر، بزيادة جرعات ثقافتنا حول السلوكيات الغذائية، والالتزام واتباع أساليب الوقاية من هذه الآفة الخطيرة التي تنتشر اليوم بشكل ملفت بين أطفالنا.
مبادرة جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية باطلاقه حملة “زادنا” التي تهدف إلى حماية صحة المستهلكين ومصالحهم والحفاظ على ثقتهم في النظام الغذائي، هي إحدى المبادرات والمساعي الجادة التي يجب دعمها وإنجاحها، والمساهمة في تنفيذ برامجها، فالتعامل مع مثل هذه المبادرات يجب أن ينطلق من المسؤولية المجتمعية التي تحتم علينا المساهمة بشكل مباشر وفاعل مع الجهات المعنية والقائمين على الحملة، لتحقيق أهدافها، للقضاء على أحد أمراض العصر، خاصة وأن حملة الجهاز تستهدف الأطفال.
m.eisa@alittihad.ae