«أن تكون لطيفا» هذه مهمة عليك القيام بها كأي من المهام الأخرى التي تؤديها في يومك. نغفل كثيراً عن الاهتمام بالانطباع الذي تتركه ملامحنا المكفهرة على نفوس الآخرين. لا نقصد أن نبدو كذلك، نكون فقط منشغلين بالكثير مما يدور في رؤوسنا، منهمكين بالتفكير فيما علينا إنجازه، فنسير في الأيام نحمل وجهاً تعابيره منفّرة، ولا ننتبه لذلك. نظن أن هذا لا يعني شيئاً لأحد، أن التعبير الذي ينطبع على وجوهنا لا يؤثر في أحد. الحقيقة، أن الكثير من الناس يشعرون بالاستياء لرؤيتك متجهماً. وكأن تجهمك موجه لهم شخصياً، فينتابهم شعور بالضيق، ربما يتساءلون ما الخطأ الذي ارتكبوه فأغضبك، فيجعلهم الشك مترددين متأرجحين ويقل إقبالهم على الامساك باللحظات. وقد يحصل هذا بداخلهم دون وعي منهم، يعزونه لاحقاً للإحباط العام وافتقاد حياتهم لإكسير البهجة. يصبح وجهك المكفهر رمزاً لديهم لوجه الحياة المتجهم. تبدو الحياة في النهاية عبارة عن الوجوه التي تظهر على سطحها. فأنت حين تخرج من بيتك صباحا وترى عاملاً مبتسما يسقي الشجر، وجارك يلقي عليك التحية بلطف، وزملاءك في العمل يحيونك بانشراح، تشعر بأن حياتك تأخذ منحىً مبهجاً. نعم، أنت مشغول كثيراً لتفكر بكل ذلك، لكن وجودك بثقله أو خفته يؤثر في محيطك. انظر لنفسك في المرآة، تلك العقد بين الحاجبين، عُقد الانشغال الذهني، حاول تزيينها بالتدرب على مط شفتيك أمام المرآة، تدرب على الابتسامة، حتى الابتسام يأتي بالتدريب، لن تسير بالطبع مبتسماً طوال الوقت لكن ملامح وجهك ستكون أكثر استرخاءً ما سيبعث الارتياح في نفوس البشر. البشر نفوسهم هشّة، الحياة في هذا العالم صارت مرعبة ومربكة، ابتعد الانسان كثيراً عن أصله، عن قربه من الطين والشجر والتحاف السماء الصافية في الليالي المقمرة، ابتعد عن رائحة البحر وصوت خرير المياه الجارية، وهي مكونات الحياة الطبيعية. الركض المستمر بين الإسمنت وعوادم السيارات والأبراج العالية جعل النفوس متوترة، أي شيء يمكن أن يجرحها، حتى لو كان وجهاً متجهماً لعابر سبيل. انتظر وتفكر وتذكر أن اللطف مهمة رسمية وحاول اتقانها. ربما، مع كثرة المراس تأتيك طواعية فتصير كائناً لطيفاً بعفوية تلطّف روحك والأجواء من حولك لعل وجه الحياة يصفو.