ظاهرة المسابقات الثقافية التي انتشرت في الإمارات وعبر منابر عدة إعلامية وغير إعلامية، لا شك أنها ظاهرة جميلة ومهمة للاهتمام بالثقافة والمعرفة، ولقد بدأت بالصعود والكثافة والانتشار بعد أن اهتمت بها شخصيات مهمة في المجتمع، ولكن الكثير منها للأسف يهبط إلى مستويات متدنية وضعيفة والبعض الآخر، يكون الهدف منها الحصول على المال، من خلال الرسوم التي يدفعها المشترك عبر الاتصالات الهاتفية، وقد تصل في نهاية الأمر للنهب وليس الثقافة أو المعرفة هي الهدف، وانما الدعاية أو الكسب المالي من خلال الضحك على المشتركين خاصة عندما يكون المبلغ أو الجائزة التي سوف يتحصل عليها المشارك مبالغ مالية كبيرة، يظل البعض يمني النفس بأن يفوز بهذه المسابقة أو تلك، وأعتقد أن الذين لا يدركون الهدف الحقيقي من مثل هذه المسابقات التي لا تغنيها الثقافة ولا المعرفة ولا الفنون الآخرى، وانما كلها وسائل لإصطياد أعداد كبيرة من المشتركين الذين قد يصل ما يدفعه البعض إلى مبالغ كبيرة كان يمكن أن يستفيد منها في شراء جهاز كمبيوتر أو كتاب أو أن المبلغ المدفوع قد يفيده في أمور أخرى أكثر أهمية من مسابقات الوهم، خاصة أن هذه المسابقات تطرح أسئلة ساذجة وضعيفة، بل أن بعضها يستطيع حتى الأطفال الصغار الإجابة عنها، وبعضها سطحي لدرجة أنها لا تفيد ولا تقدم معلومة مهمة ولا حتى ذكية، بل بعضها مضحك، حيث تصل أسئلة المسابقة لحد الاستهانة بذكاء الإنسان وفطرته ومعلوماته التي اكتسبها من البيئة أو الأسرة أو من الحياة اليومية، فقد يسأل عن حياة أهل الإمارات قديماً وعلى سبيل المثال سؤال: هل يسكن أهلنا قديماً في خيام من سعف النخيل أو يسكنون في دوباية أو قرقور؟ أو سمك الشعري يتم صيده بواسطة الخيط والسنارة أو بالمدفع أو بالبندقية؟ أو الشاعر الماجدي بن ظاهر يكتب القصيدة النبطية والشعبية أو شعر الهايكو أو الشعر الحديث؟ أو يتم الصعود لجمع رطب النخلة ''العوان'' الطويلة بواسطة ''الحابول'' أو الدراجة الهوائية أو الدراجة النارية؟ والمشترك في مثل هذه المسابقات المضحكة سوف ينال مبالغ كبيرة تتجاوز العشرين ألفا أو أكثر، ما هذه الثقافة أو الإضافة الثقافية التي تقدمها مثل هذه المسابقات الغبية، بالتأكيد لا شيء سوى الدعاية والاستخفاف بالثقافة نفسها أو سحب أموال المشتركين إذا كانت المسابقة من نوع إرسل رسالة على الأرقام التالية؛ ستظل الثقافة الحقيقية تسكن هناك بين دفتي القراءة الجيدة والفكر النيّر الذي يعرف منابع الثقافة الحقيقية في عالم يتفتح الآن على قنوات واسعة من المعرفة والثقافة، هذا الفضاء الكبير صحيح أنه يقدم كل شيء، الجيد والرديء ولكن ليظل عقل وفكر الإنسان هو قائدة ومرشدة إلى الصواب والحقيقة والمعرفة وإذا كانت بعض الجهات لديها أموال تريد أن تفيد الناس بها عليها أن تختار الأفكار النيرة والوسائل الجيدة لنشر الثقافة والمعرفة· Ibrahim_Mubarak@hotmail.com