أحبها من كل قلبه وتوج حبه لها بالزواج الذي أثمر ثلاثة أطفال كانوا يشيعون البهجة والسعادة في المنزل، حتى كان يشعر بأنه محظوظ بكل الحب الذي يحيط به. كانت هي تبادله حباً خالصاً، وتعمل على إسعاده بكل جوارحها فلا تترك أي مجال يتسرب منه البؤس إلى منزلها. وذات يوم ومن دون مقدمات، شعر بأنها متغيرة بعض الشيء، وأنها لم تعد كما كانت، حاول جاهداً الحصول على رضاها، جلب لها الزهور والهدايا لكنها لم ترض عنه ولم تخبره بما بها. شعر للمرة الأولى بالحزن والألم لكنه أخفى ذلك عنها، حتى لا ترى وجهه عابساً كئيباً وهو الذي عودها على الابتسامة الدائمة والإيجابية في كل الأحوال. مرت أيام عصيبة عليه وتعاملها معه يزداد سوءاً وهو صابر متحمل، إلى أن فاجأته يوماً وهو عائد بلهفة إلى المنزل بطلبها الانفصال، في تلك اللحظة أظلمت الدنيا في وجهه، شعر بدوار وترنح وسقط على الأرض، فلم يكن مستعداً لمثل هذا الطلب ولم يتخيل حياته بعيداً عنها ومن دون وجودها، تشتت فكره، وفكر كثيراً في مصيره ومصير أطفاله، وجد نفسه يعيش حالة رعب الفقد والفراق، غير أنه لم ييأس وتمسك بها، ووسّط الأهل والأصدقاء من أجل إعادة المياه إلى مجاريها أو على الأقل معرفة سبب طلبها الانفصال، للوصول إلى أصل المشكلة من أجل حلها. لم يتوصل أي أحد إلى معرفة سبب قرارها إلى أن اعترفت أخيرا بأنها لم تعد تحبه، حينها شعر بألم يعتصر قلبه لدرجة أنه لم يعد يقوى على الاحتمال، لكنه أدرك أن نهايته قد قربت، فهو يتمنى الموت على أن يعيش من دونها بعد كل هذه السنين، ولذلك أصر على مواصلة التشبث بها لآخر رمق، لإيمانه بأنه بات يعيش معركة حياة أو موت وأنه في صراع من أجل البقاء. بعد عدة أيام وصله إعلان من المحكمة يدعوه للحضور لأن زوجته رفعت دعوى طلاق، حينها شعر بأنه لم يعد قادراً على مواصلة الحياة، فاعتزل العالم حزناً ولم يفارق غرفة نومه كمداً، تغير وتغيرت عاداته وصار يجلس معانقاً أطفاله لساعات ينتحب في الخفاء. وفي صباح موعد جلسة المحكمة، لم يخرج من غرفته، وبعد ساعات وهي تنتظره في المحكمة جاءها اتصال يخبرها بأنه مات، لقد انفطر قلبه وغادر الحياة لأنه لم يستطع أن يقف خصماً ضدها في المحكمة، لأنه أحبها من كل قلبه. سقط الهاتف من يدها وقد أجهشت بالبكاء، وقيل لها أراحك من عناء التقاضي فلم البكاء فقد أصبحت حرة طليقة، لقد أصبحت أرملة..! bewaice@gmail.com