كيف لا يَرمي الحكم، وهو يرى ويقرأ ويسمع يوميا أخبار الاعتراضات والصراعات والاحتجاجات، كيف لا يرمي ما كان في يده، وهو يقرأ تصريح مدير فريقه، وهو يبدي اعتراضه على التحكيم والحكام، قبل أن تبدأ المباراة؟. كيف لا تخرج في ساحتنا مثل هذه الفئات، والمدربون المرموقون الكبار الفطاحل، يقدمون في كل مؤتمر كل أساليب الشحن والرفض والاعتراض، والأدهى يخرج أحدهم ليقول إن هناك من يحارب فريقه، ويتعمد عرقلته في البطولات التي يشارك بها؟. كيف لا نشاهد كل هذه المناظر التي جعلتنا نصمت صدمة، ونحن نرى فئة غير مسؤولة تروج أن هناك فرقاً محصّنة وفرقاً مظلومة، وأن هناك فرقاً عليها خط أحمر، وفرقاً الخطوط عليها مفتوحة، وفرقاً فوق القانون، وأخرى تحته؟. كيف لا نرى مثل هذه الفئات من جماهيرنا التي كانت طيبة، ليتحول البعض منها إلى فئة شريرة بهذه الطريقة، والسبب أن كل عناصر التعصب والشد وعنصرية ألوان الفرق أصبحت جاهزة للعرض، ليخرج من المخربين «بطل» يشفي غليل البقية برميه ما كان في يده على رأس الحكم؟. تصرف المشجع، ليس لأنه توقع ركلة جزاء لفريقه لم تحتسب، وليس لأن فريقه يلعب مباراة قد يظنها حاسمة، بل لأنه دخل اللقاء وكل عناصر الشحن والشد في قلبه ليرمي بها على شكل آلة حديدية أو بطارية هاتف على الرجل الذي خرج من بيته ليؤدي دوره بكل حياد، ليذهب هو إلى بيته، وكأن شيئاً لم يكن، ويغادر الحكم إلى المستشفى مربوط الرأس، مكسور القلب. من نلوم حين ترفع مجموعة مراهقين أوراقاً نقدية توحي بأمور تدخل ضمن نطاق القذف والإهانة وإساءة السمعة بكل جرأة، ومن دون أن يفكروا ولو للحظة بأنهم بهذه الطريقة، قد أصابوا ذمة رياضتنا على رأسها، وجردوها من أمانتها وشرفها وحياديتها. مسكين أنت يا الجلاف، فقد أصبحت ضحية كل هذه المشاعر، أصبحت ضحية الحقن، وتعبئة نفوس الجماهير باعتقادات مسمومة. لست الشخص المخول بالتحدث باسم الحكام ولكن لو كان الأمر بيدي، لعدت اليوم الذي يليه مباشرة إلى ساحة الملعب لأؤدي واجبي، حتى لو كان رأسي معصوباً والألم يعتريني، فلن نستسلم لأن يهزمنا المتعصبون، ولن نترك الساحة، لأن يحكمها المرضى النفسيون، ويسيطر عليها المجانين والمراهقون. من الآخر الكرة أصبحت في ملعب المسؤولين والمدربين، في ملعب النقاد والمحللين، في ساحة كل الإعلاميين، انقذونا من ألاعيب البعض، ونظفوا رياضتنا من هذه الاعتقادات التي ملأت الشارع، فأصبح كل نقد يفسر بالهجوم، وكل قرار يستنبط بأنه خطة للإطاحة بك، فالساحة الرياضية باتت تتعامل بالشكوك والتخوين، والكل بات يعتقد أن هناك طرفا آخر يمثل جانب الضد بالنسبة له. Omran.admedia@live.com