يوم الإمارات في سرقسطة
يوم أمس الأول كان يوماً إماراتياً خالصاً في معرض ''إكسبو'' المقام حالياً في مدينة سرقسطة الإسبانية، كما كان احتفاءً بالمشاركة الإماراتية المتميزة في المعرض العالمي· مشاركة يتجسد نجاحها في حجم الحشود البشرية التي تتراصّ يومياً عند مدخل الجناح، ويقودها حب الاستكشاف للاطلاع على تجربة تنموية قل نظيرها في العالم· تجربة هي الأقرب إلى الحلم أو المعجزة· ولكن أن تعايش الحلم وهو يكبر، ويتحول إلى واقع ملموس، فتلك هي القصة الكبرى التي خُطت على تراب الإمارات·
وفي قاعة العرض بالجناح كانت لقطات فيلم ''بأعيننا'' الذي يرصد حجم التحول والتغيير، تتلاحق وتضفي التقنية الثلاثية الأبعاد عليه أثراً يخلب الألباب ويحبس الأنفاس· وما إن ينتهي حتى تقرأ الإعجاب المقرون بالانبهار في عيون المشاهدين، وكأنهم يغادرون حلماً جميلاً، والتساؤلات تتقافز من الأعين لتسبق الألسن، هل يعقل أن يكون كل هذا قد تحقق على أرض الإمارات في أقل من أربعة عقود؟!
كانت المشاركة فرصة لتعريف العالم بقدرة إرادة إنسان هذه الأرض على بناء غده الزاهر، بفضل من رب كريم، سخّر له قيادة حكيمة منذ القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه''، ومن بعده خليفة الخير ''حفظه الله''، قيادة وضعت نصب أعينها التنمية المستدامة من جيل التأسيس إلى الأجيال القادمة·
في هذا المعرض، الذي تقام دورته الحالية تحت شعار ''الماء والتنمية المستدامة''، اطلع زواره القادمون من مختلف أقاليم إسبانيا ومن أرجاء العالم، على تجربة الإمارات في مجال المحافظة على المياه والطاقة المتجددة النظيفة والمدن الخضراء، وعلى تحويلها من أرض صحراء قاحلة إلى مساحات خضراء تحتوي اليوم -على سبيل المثال- أكثر من أربعين مليون نخلة يتساقط ثمرها الطيب على المارة في طرقاتها الرئيسية، وأصبحت تصدر الفواكه والأزهار إلى الخارج، ليس هذا فحسب، بل باتت تحتضن أحد أكبر مراكز تصدير الورود في العالم بعد هولندا، كما غدت مركزاً اقتصادياً عالمياً، ونقطة جذب سياحي من طراز فريد·
ومما ضاعف من انبهار الزوار، تفرُّد جناح الإمارات بوجود أعداد من أجهزة الكمبيوتر يلجون من خلالها إلى معلومات تفصيلية أكثر عن الإمارات، تعرفهم بأن الإمارات ليست أرض نفط فقط، وإنما حضارة وثقافة وأصالة، يعود سكن الإنسان الأول فيها إلى آلاف السنين· كانت هناك كتيبات وأسطوانات رقمية تروي لهم آثار هيلي وأم النار وتل الأبرق، وصولاً إلى بناء دولة عصرية بكل معنى الكلمة، دولة أصبحت اليوم عنواناً للعطاء والتسامح، وكتاباً مفتوحاً حول بناء الأوطان·
وأضفى تواجد الفرقة الوطنية للفنون الشعبية طابعاً خاصاً للمشاركة الإماراتية، خاصة أنها لم تحصر عروضها على جناح الدولة أو على المسارح المنتشرة في أرض المعرض المترامي الأطراف، بل كانت تقدم فقراتٍ فلكوريةً من الفنون الشعبية والتراثية في أكبر ساحات مدينة سرقسطة·
وإذا كنا نهنئ المسؤولين في المجلس الوطني للإعلام والجنود المجهولين في جناح الدولة في معرض سرقسطة على هذا النجاح الذي تحقق، والمشاركة المتميزة التي مثّلت البلاد خير تمثيل، إلا أن هناك كلمة عتب لشركاتنا الوطنية الكبرى التي غابت عن هذا الحدث العالمي، رغم أن عدداً منها معني مباشرة بالشعار الذي دارت حوله فعاليات معرض هذا العام· وهذا الغياب المؤلم يكرس النظرة السائدة لدى هذه الجهات، والتي تعتبر مثل هذه الأمور من اختصاص الدولة فقط· أما لماذا أقول إنه غياب مؤلم، فذلك موضوع حديث الغد بإذن الله·