الإعلان الذي أصدرته واحدة من كبرى شركات التطوير العقاري في دبي، وطمأنت فيه المستثمرين بأنها ستمضي قدماً في أحد مشروعاتها الكبرى، يكشف من جديد حجم الوعود التي تطلق هنا وهناك، والتي تهتز بعد ذلك بمجرد الكشف عن وجود تلاعب في إدارة المشروع، وهو ما كان السبب في مسارعة الشركة الى توضيح ما يجري للجمهور حرصاً على ''حماية حقوق المستثمرين''· ومثل هذ الإعلان ليس بالجديد، ولن يكون الأخير في قطاع ينظر اليه كثير من الناس على انه مجال يفرخ المليونيرات عندما يبتسم ''الحظ'' لأحدهم!!· و''الحظ'' يعني بالنية لهم بعض ''الفهلوة'' و''الشطارة''، و''الشاطر'' من يسدد ''الهدف الذهبي'' في الوقت الحاسم· سمعنا قصصاً تصلح حلقات لمسلسلات رمضانية عن ''نواطير'' انضموا في غمضة عين الى نادي أصحاب الملايين· وظهرت قصص كتلك التي تتداولها ''محازي'' الجدات عن الشابة الدميمة التي كانت مجرد موظفة استقبال في شركة للتطوير العقاري، وبضربة ''حظ'' أصبحت من عضوات نادي الملايين تستقل أفخم السيارات وتقضي عطلاتها في أكبر العواصم العالمية محاطة بالخدم والحشم، ويتهافت على طلب يدها أجمل الفتيان· قصص تتداخل فيها الأشياء وتختلط الأمور· وأصبحت مهنة الوسيط العقاري مهنة من لا عمل له· وهذه التسمية هي الصورة المطورة لمهنة ''الدلال'' باللهجة الدارجة· ظهرت فئات هامشية من هؤلاء تنشط بالعمولة· وجودها يحمل الكثير من علامات الاستفهام· حيث تزعم أن بإمكانها تسهيل عملية تمويل شراء عقار لك، حتى وإن كان مدير الجهة الممولة قد أقسم يميناً مغلظة الا تشم رائحة التمويل من مصرفه أو الشركات التابعة له· أما كيف يتم ذلك ؟· فذلك قصة تحتاج الى متابعة للوصول الى الأصابع التي تحرك خيوط ''اللعبة''· ويقال إنها باتت محصورة في يد جنسيات معينة تضم ''محترفين'' على درجة عالية جداً من الاحتراف· يعرفون متى يتقدمون ووقت الابتعاد، وكيف تقدم القرابين الى المقصلة عندما تقع الواقعة· الدوائر المعنية بمتابعة ما يدور، غير قادرة على فرض الالتزام بأبسط ما دعتهم إليه إدارات الجنسية والإقامة، بالا يستغلوها في ترويجهم العقاري، خاصة بعد ان صدرت ولأكثر من مرة التوضيحات، بعدم وجود شيء اسمه إقامة حرة في البلاد، ومع هذا تصر تلك الشركات وكاتب الوساطة على إبراز هذه الفقرة في كل إعلاناتها لإغراء المشترين المحتملين من المستثمرين الأجانب· ويبدو أن الاخوان في الدوائر العقارية لا يتابعون ما ينشر في هذه المطبوعات الإعلانية خاصة تلك التي تصدر باللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات التي غزت سوق العقارات· بعض من يتابع تلك المطبوعات ينظر إليها من زاويته هو فقط، التي ترى الأمر مجرد ترويج لما يشهده من رواج القطاع العقاري من دون أن يمنح نفسه الفرصة للوقوف أمام حجم المغالطات والتضليل الذي يمارس بحق الجمهور أو الفئات الراغبة في دخول المجال سواء للشراء الشخصي أو ممن يعتبرون انفسهم ''سنة أولى استثمار''، وهؤلاء بالذات أكثر الفئات التي تكون معرضة للدغ من قبل ''أفاعي السوق'' الذين يعرفون كيف يستدرجون ضحيتهم التي تستيقظ عادة في وقت متأخر وقد تبخر كل شيء· لا ندعو الى أكثر من التنظيم والمتابعة لما يجري في قطاع العقارات عندنا الذي رغم كل الأزمات المتعلقة بارتفاع أسعار مواد البناء، وغيرها من التكاليف، ما زال هو القطاع الأنشط والأكثر ديناميكية على مستوى المنطقة·