عنوان في أبوظبي
تستعد بلدية أبوظبي لإدخال نظام جديد للاستدلال على الطرق والوصول إليها بعد سنوات من تطبيق النظام الحالي، والذي انتهى بفشل مدوٍ، ولكن بعد أن رحل الذين كانوا يتغنون بنجاح لا وجود له إلا في مخيلتهم· أقول فشلاً مدوياً؛ لأنه وحتى بعد أكثر من عشر سنوات تقريباً على تطبيقه، لا يزال من يمكن اعتبارهم أقدم سائقي الأجرة في المدينة لا يعرف الفرد منهم الشارع 22 من الشارع المتقاطع معه؛ لأن عامة الناس اعتادوا على تسمية الشوارع والطرقات بأسمائها القديمة· مثل شارع ''الكترا'' ومنطقة ''البارهوز'' ودائرة المياه رغم أن الدائرة قد اختفت من المكان، وحلّت مكانها منطقة سكنية وتجارية عصرية·
المستفيد الوحيد من تقلبات البلدية في هذا الشأن هو الشركات والمؤسسات التي يوكل إليها أمر إجراء الدراسات، وبعد ذلك تنفيذ المشروع الذي لا يلبث أن تظهر أخطاؤه، ونعاود الكرة من جديد· ولا تكتشف حجم المعاناة من أخطاء الأسماء الحالية إلا عندما تضعك الظروف أمام عامل توصيل الوثائق تابع لشركات التوصيل السريع للطرود والرسائل· ساعتها تستجمع كل ما في الذاكرة من كلمات بـ''الأوردو'' كي تحدد كم إشارة مرور عليه اجتيازها، ليتجه يميناً أو يساراً حتى يصل إلى البناية التي تقبع في طابقها الأرضي البقالة الفلانية أو المصرف الشهير بتوريط ضحاياه بقروض ''تكسر'' الظهر· ولأن هؤلاء يستدلون باللوحات التي تميز البنايات، أسوق لكم هذه الواقعة الطريفة والمريرة في الوقت ذاته، فقد اتصل أحد هؤلاء الموصلين -قبل تعليق اسم شركة أبوظبي للإعلام على مقرها الذي يضم مطبوعاتها- طالباً تحديد موقع الجريدة ليوصل وئاثق خاصة· وعندما حددته له سارع قائلاً: عرفت الآن مكانك، أنتــم في المبنى الــذي كانــت فيــه ''الاتحــاد'' وموضــوع عليــه لوحــة ''ذا ناشيونال''· ومما زاد من مرارة تعليقه استفساره عما إذا كان المبنى للشركة نفسها الموجودة عند دوار يحمل اسمها في الشارقة!!·
هذا مجرد صورة من صور غياب النظام الدقيق والكفؤ والعملي للعناوين الذي تحتاج إليه ليس عاصمتنا فقط، وإنما كل مدن الدولة، حيث تجد العديد من البعثات الأجنبية في أبوظبي، تحرص على إرفاق خرائط لأماكن فعالياتها في الدعوات التي ترسلها لحضور مناسبات تخصها، خاصة تلك التي تقع في الشوارع ذات الأرقام إياها، والبعيدة عن أي مَعْلَم يستدل به· ولا تكتفي بذلك بل تخصص رقم هاتف نقال للإرشاد عند اللزوم· وقرأت ذات مرة في إحدى صحفنا المحلية التي تصدر باللغة الإنجلزية تقريراً عن الارتباك الذي يضرب حتى خرائط هواتف وأجهزة ''الجي بي آر إس'' لكثرة ما يجري من تغييرات على شوارعنا·
وعندما نتراسل مع أصدقاء ومعارف لنا في الدول الغربية والولايات المتحدة، وحتى بعض الدول العربية نغبطهم على وصول الرسائل إليهم في دورهم السكنية، بينما ''بريد الإمارات'' تفرض علينا رسوماً عالية لامتلاك صندوق تتسلم منه رسائلك· ووصل الأمر بـ''بريد الإمارات'' أن تطلب من مجموعة الشركات على سبيل المثال أن تخصص صندوقاً بريدياً لكل شركة مقابل رسم سنوي لكل منها·
نتمنى هذه المرة أن توفق بلدية أبوظبي في الخروج بنظام متكامل للعناوين وأسماء الطرق والشوارع، تليق بما وصلت إليه أبوظبي· نظام للاستدلال يردنا فعلاً لا يتيه معه القادم إلى درة مدننا· ولا يضطر معه إلى إيقاف سائق أجرة من سائقي الشركات الجديدة، ويكتشف أن المسؤول ليس أعلم من السائل!!·