كلما أردت أن أبتعد عن الحديث عن دورة الألعاب الأولمبية التي ألقت بظلالها مؤخراً في بكين أجد أنه مازال في الخاطر شيء لابد وأن نقوله أو نبوح به· وبالنسبة لنا نحن في الإمارات نحن لا نبكي على شيء، لكننا نريد أن نفعل شيئاً في المستقبل إن شاء الله· الشيء الوحيد الملموس الذي خسرناه في بكين هو ميدالية الرياضي الشيخ أحمد بن حشر صاحب الذهبية الإماراتية التاريخية الوحيدة التي حققها في دورة أثينا قبل أربع سنوات وهي الميدالية التي وضعت اسم الإمارات في قائمة الشرف الأولمبي مدى الحياة وهو فخر آسر وعظيم الأثر، وهذه الميدالية كما يعرف الجميع كانت نتاج إبداع فردي من صاحبها أكثر ما كانت نتاج تخطيط من رياضة البلد وهنا بيت القصيد· وما أريد أن أقوله اليوم إننا لم نكن في يوم من الأيام من دعاة الإنجازات الأولمبية، والأكثر من ذلك ويجب أن نعترف به أن البيئة الرياضية الإماراتية ليست ممهدة على الإطلاق من أجل إعداد أو تأهيل أو صناعة بطل أولمبي، هذه الثقافة ليست عندنا ولا تشغلنا لا من بعيد ولا من قريب، وكل صلتنا بالألعاب الأولمبية لا تتجدد إلا كل أربع سنوات ننشغل فيها بمن سيشارك ومن لا يشارك ومن سيمشي في طابور العرض ومن سيرفع العلم! وإذا أردت الحقيقة فالناس المسؤولون حالياً ربما يكونون معذورين نسبياً لأن هذه هي اللغة السائدة وهذا هو الواقع الذي لا يسعى إلى تغييره أحد، لأن التغيير في حد ذاته في حاجة إلى نوعية أخرى من البشر، لأن التغيير خاصة عندما يكون في الأفكار والمفاهيم لا يكون أمراً سهلاً على الإطلاق فهو بحاجة إلى أناس مؤمنين إيماناً راسخاً ومستعدين للتضحيات في سبيل تحقيق هدف كبير يعلي من شأن الوطن! ثقافتنا كما تعرفون ثقافة كروية بحتة، فكل همنا هو كرة القدم ولاشيء غيرها، كرة القدم على صعيد الدوري المحلي في المقام الأول، وكرة القدم على صعيد البلد، أي ما يخص المنتخب الوطني في المقام الثاني! أنظر إلى الميزانية التي وفرت لكرة القدم، وأنظر في الوقت ذاته إلى الميزانية المعتمدة لمجمل الألعاب الأخرى وسترى العجب العجاب، وكل ذلك بسبب ثقافة كرة القدم، وهي ثقافة غريزية كلنا مولودون عليها! البيئة إذن ليست بيئة أولمبية، حتى الأخ إبراهيم عبد الملك عندما تحدث يوماً عن عدم وجود منشآت، ونصبنا له المشانق ومازلنا، أعتقد أن الرجل في هذه الجزئية ربما يكون قد خانه التعبير، فهو يقصد بيئة المنشآت الأولمبية، وهي بالتأكيد ليست موجودة عندنا، فنحن أولاً بلا ثقافة أولمبية، والأمر على هذا النحو لا نستطيع أن نختصره في كلمتين في زاوية رأي، الموضوع يا سادة أكبر من ذلك بكثير، فهو بحاجة إلى أناس مؤمنين أولاً بضرورة خلق بيئة أولمبية في العقول والأفكار وفي الوقت ذاته في المنشآت، بداية من الأكاديميات الرياضية المتخصصة وانتهاءً بالمنشآت والمجمعات ذات المواصفات الأولمبية في الألعاب الأولمبية كافة التي تدر الميداليات بمختلف ألوانها! آخر الكلام نحن نبحث عن بداية حقيقية وصحيحة، وبالمناسبة فالموضوع في حاجة إلى مشروع وطني أولمبي إذا جاز التعبير، والأهم من ذلك أن يوجد بيننا من يؤمن بذلك ويحارب من أجله ويصبح مشروع عمره!