الله يعين عباده في صيف حار، وتزيده انقطاعات الكهرباء سخونة، وتزيده فواتيرها رطوبة، والملوثات البيئية وتقلبات المناخ تزيده “لغط” وضيق ذات اليد مع مصاريف لم يعمل حسابها تحوله إلى صيف من لهب.
هذا هو نشيد الكهرباء الصيفي في بعض إماراتنا، مرة يطمئنون الناس بأن المحولات القديمة زادت حمولتها، والمحولات الجديدة في طريقها للوصول بحراً، ومرة يرجعون السبب إلى البنية التحية، وعدم استكمال بعض المشاريع الحيوية كبناء محطات كهرباء حديثة ذات التوتر العالي، والربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، ومرة يعدونهم أن هذه المشكلة لن تتكرر الصيف المقبل، والناس مساكين يصدقون ويأملون ويدفعون، ولو كانت المشكلة تخص أمراً كمالياً أو ترفيهياً لهانت المسألة، ولكنها تخص أمراً ضرورياً وأساسياً في الحياة هنا، ألزمها نوم طفل رضيع، وأقلها مشاهدة مباريات كأس العالم الذي يتابعها الفقير في المكسيك أو المعدم في البرازيل حيث أصبحت من الضروريات، لكن عندنا في دولة تعد من الدول المرفهة، نسمع الناس تضج كل صيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي حيث تبلغ الحرارة أقصاها، والرطوبة مداها، ولا مفر للمعذبين في الأرض صيفاً إلا المراكز التجارية أو السينما أو البحر، وهذه ثمنها مصاريف وأعباء تزيد الأسر فوق بلواها، وتعمد لخراب ما في ثلاجاتها، وتعطل كهربائياتها، وتضيع أوقاتها، وتقلق نومها، وهي أمور تشكل مجتمعة ضغطاً غير طبيعي على الإنسان، حيث تكثر المشاجرات المنزلية، والتوترات الأسرية، فمن ذا اليوم قادر أن يتنفس إذا لم تكن هناك مكيفات تدور ليل نهار، ومن من الأطفال قادر أن يغمض له جفن وهو في تنور حقيقي لم يتعود عليه، وليت منازلنا اليوم مثل منازل زمان، وليت البيوت لم تكن متراصة، وليت العمارات الشاهقة لم تسد هبوب الريح، وليت الناس قادرين على استعمال أدوات زمان، ولباس زمان لطلب نسمة أو الجلوس في ظل شجرة.
كهرباء الإمارات ليست مثل كهرباء لبنان، كهرباء حكومية تسرق، وكهرباء خاصة مجبر أن تدفع لها لتعين كهرباء الحكومة المقننة، وكهرباء تأجير للراغبين في إنعاش صيفهم، وكهرباء مولدات في حال انقطاع كل الكهرباء، وكهرباء لا تحتاجها إن سكنت الجبل، وكهرباء وزراء ما يدفعون فواتيرهم بالسنين، كهربائنا بمواصفات خليجية يفترض فيها الجاهزية، ويفترض أن تكون حُلت كل مشاكلها الأبدية منذ زمان في إماراتنا الشمالية!
في العاصمة ليست هناك مشكلة للكهرباء تذكر، لكن إن تعطلت ماكينة المكيفات في بعض العمارات، ضاع السكان وبقوا بالأسابيع يتعذبون على جمر الغضا بين تنصل شركات الصيانة، ورفض البنك الذي يديرها الدفع أو سفر المالك في إجازته الصيفية لبلد لا يحتاج فيه إلا إلى مهفه!


amood8@yahoo.com