يقف العالم اليوم، مزدحماً بمشاعر الارتباك، جراء ما تقوم به وسائط التواصل الإلكتروني من جلجلة وقلقلة وزلزلة للأفكار، حيث استطاعت ثلة من المأزومين ثقافياً وعقائدياً من التوغل في هذا الجهاز العملاق، الذي يسمى وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدامه كسلاح هدم ومعول تدمير للثوابت الإنسانية، وللضوابط الدينية، الأمر الذي استدعى أن يهب ذوو العقول الواعية والقلوب الناصعة، لوضع حد لهذا التسونامي الفكري المسموم وكبح جماح الضواري، وردع الوحوش وصد الهواء الفاسد كي لا يصل إلى منازل الناس، وإعلان أبوظبي ومطالبته باتفاقية دولية ضد الإرهاب الإلكتروني، يأتي في زمنه ومكانه حيث العالم أصبح بحاجة ماسة إلى مثل هذه الوثبات وهذه الوقفات، وهذه الصحوات، وهذه المبادرات، وهذه المثابرات، وهذه الجدية في معالجة قضية أصبحت قضية القضايا، التي تحتاج إلى نوايا صادقة، وإرادات صلبة، وعزائم رجال، لا ينثنون أمام المحن ولا ينحنون في وجه العواصف، بل يصمدون ويقاومون ببسالة وجَلَد، والإمارات وبفعل الظروف الراهنة أثبتت أنها منطقة الرجال الأفذاذ، الذين يواجهون التحديات بعزم وجزم وحزم، وعندما تشتعل النيران في بيوت الجيران، فإنهم لا يقفون مكتوفي الأيدي، بل يهبون هبّات الرجال، ويساندون ويساعدون، ويواسون وينفذون، ويقدمون الأرواح رخيصة في سبيل حرية الآخرين، والإرهاب اليوم، يعتبر من أصعب ما تواجهه الأمم، ولذلك الدعوة إلى اتفاقية لمواجهته أمر طبيعي وضروري، حتى تتخلص البشرية من عفنه وشجنه ومحنه ولذلك فإن هذه الدعوة الصادقة، تحتاج إلى توافر النوايا الحسنة من كل دول وشعوب العالم، للتكاتف ضد آفة العصر، والتخلي عن الأجندات الخاصة، والمصالح الآنية الفجّة. الإرهاب لن يختفي عن وجه الأرض إلا بتآلف الإرادات، وانسجام الأفكار والوقوف كتفاً بكتف، حتى لا تخترق فيروسات الإرهاب الجسد العالمي، وتنهكه وتغرقه بدماء العدوان والكراهية، نعم، نحن بحاجة إلى هذا الإعلان، وبحاجة أيضاً إلى المخلصين من بني البشر، وإلى الصادقين الذين لا تلومهم لومة لائم في مواجهة الشر والقضاء عليه، ونشر الوعي الجماهيري، لإنقاذ أطفالنا وشبابنا من هذا الوباء، والاستفادة من طاقاتهم في رسم اللوحة الإيجابية للحياة، وصناعة غد الإنسان من حرير الحب، وصياغة أحلامه من أهداب الشمس، وستظل الإمارات دوماً شعلة النشاط الإيجابي، وشمعة الطموحات المشعة بالآمال والأمنيات العريضة.