الكثير منا يعرفون مايكل فيليبس السباح الأسطوري الذي حصل على 23 ميدالية أولمبية، منها 19 ذهبية، وهذا الرقم مرشح للزيادة، فيليبس الذي لو كان دولة لكان يحتل المركز 40 على مر العصور، فيليبس الذي يعتبره الكثيرون أعظم رياضي في تاريخ البشرية، ولكن القليل منا يعرف شيئاً عن حياته الشخصية. هل تعلم أن فيليبس عانى في طفولته بسبب مشاغبته الدائمة، وعدم تركيزه أثناء الدروس، وإفراطه في الحركة حتى اضطرت والدته إلى عرضه على طبيب نفسي، وجابه الكثير من الصعاب، ومنها طلاق والديه، كما كان يتعرض إلى السخرية من رفاقه، بسبب شكله وحجم يديه وأذنيه الطويلتين، مما جعله ينعزل عنهم ويبقى وحيداً. وهل تعلم أن الطبيب النفسي الذي تعامل مع فيليبس، شخص حالته بمرض نادر وهو نقص التركيز، ولحسن حظه أنه لم يشخص مرضه بالحسد أو «العين»، ولم يطالب والدته بعرضه على المشعوذين، كما لم يقنعها بإيداعه في أحد فصول التربية الخاصة، ولكنه طلب منها أن تدفعه لممارسة الرياضة فقامت بتسجيله في أحد أندية السباحة. وهل تعلم أن فيليبس منذ بداياته كان يتقيد بتعليمات مدربه حرفياً، وكان يكره الخسارة ويرفضها، حتى عندما يخسر كان يرتدي نظارات سوداء أو يختفي في أي مكان، وليس كحال بعض الرياضيين الذين لا تؤثر فيهم الخسارة ولا تحرك فيهم ساكناً، بل تجدهم يتنافسون للظهور في وسائل التواصل الاجتماعي، ويطلون عبر «السناب شات». هل تعلم أنه عندما بدأت ملامح نبوغ فيليبس تسابقت شركات القطاع الخاص في القيام بدورها المجتمعي بشكل مثالي، فوقع عقده الأول مع إحدى الشركات وعمره 16 عاماً فقط مقابل مليون دولار، واليوم هو يمتلك عقود رعاية مع العديد من الشركات، وتقدر ثروته بمئة مليون دولار. هل تعلم أن الشهرة التي حصل عليها فيليبس والمجد الذي وصل إليه لم ينسيه دوره المهم في المجتمع، فقام بإنشاء مؤسسة مايكل فيليبس لنشر وتطوير السباحة، وأنشأ مدارس للسباحة، وأطلق مشروعاً يعلم الأطفال أهمية الرياضة مع التركيز على السباحة. هكذا كان فيليبس، يدان كبيرتان، وأذنان طويلتان، ووالدان مطلقان، وطفل مشاغب كثير الحركة، وقليل التركيز، معدوم الموهبة، ألقوا به في حوض السباحة عل وعسى يصبح طبيعياً مثل أقرانه، وعل وعسى تتبدل أحواله وتتغير الصورة، لم يدر في خلد والدته أو طبيبه أو مدربه أو حتى أصدقائه الساخرين حينها أنهم كانوا يصنعون أسطورة. Rashed.Alzaabi@alIttihad.ae