البداية إماراتية
أول ميدالية أولمبية للإمارات في تاريخها كانت من الذهب الخالص، على يد الشيخ أحمد بن حشر في أولمبياد أثينا 2004 في الرماية، ولا يعرف ما معنى أن تحرز الذهب في الأولمبياد، إلا من شارك وعرف، ولمس معنى قوة المنافسة بين أكثر من 200 دولة في العالم.
وقتها لم يكن هذا الإنجاز مجرد ميدالية، بل كان حافزاً ودافعاً للجميع لوضع الإمارات على خريطة الرياضة التنافسية الإقليمية والعالمية، وجاء يوم 9 أغسطس 2016، ليمنح الإمارات ميداليتها الثانية، وكانت هذه المرة من البرونز في لعبة الجودو بوزن تحت 81 كيلو جراماً، وحققها سيرجيو توما وأهداها إلى قيادة الدولة التي شاهدت علم الإمارات يرفرف في سماء ريو دي جانيرو، وكان أول علم عربي يتوج.
بعدها انفتحت قريحة العرب، وفي يوم واحد حققوا أربع ميداليات، منها ذهبية فهيد الديحاني التي أسالت الكثير من الحبر والنقاشات والحوارات، لأنها جاءت تحت العلم الأولمبي، وليس تحت راية الكويت المعاقبة دولياً، وهي لن تسجل لبلاده أبداً، ما ترك حرقة وغصة في حلوق الملايين، ليس من الكويتيين، بل من كل المتعاطفين من العرب الذين لم يفهموا حتى الآن سبب الخلافات والمشاكل المزمنة في جسد الرياضة الكويتية، سوى الخلافات الشخصية والمماحكات البيروقراطية.
في اليوم نفسه نالت مصر برونزيتين في رفع الأثقال، مع سارة سمير ومحمد إيهاب، وبرونزية لتونس في المبارزة، عبر أيناس بوبكري، ولكن مع كل هذه السعادة بأي ميدالية من أي نوع، يجب أن لا تخفى علينا الحقائق، ومنها أن تعدادنا كعرب يفوق الـ 400 مليون نسمة، ولدينا الإمكانات البشرية والمادية والبنى التحتية والقوة الإعلامية والمراكز التدريبية، ومع ذلك نبقى نحصد الميداليات بالقطارة، وبجهود فردية أو طفرات، ولا ندخل عالم التنافس المستمر، رغم أنه لا ينقصنا شيء، ولكن ينقصنا التركيز فقط على الرياضات التي تحقق الذهب، مثل السباحة وألعاب القوى والجمباز وألعاب القوة، وليس الألعاب الجماعية التي تستنزف معظم طاقاتنا واهتماماتنا، وهو حق مشروع لها لأنها اللعبة الأكثر شعبية، ولكنه ليس حقاً لها أن يكون الاهتمام بها على حساب غيرها، والمشكلة الأكبر أننا في كل دورة ألعاب أولمبية نقول الكلام نفسه، ثم ننام عليه أربع سنوات لنستيقظ بعد أربع سنوات، ونكرر الكلام نفسه الذي سبق وقلناه أصلاً.
طالما الذهب يُفرح الشعب، ويرفع رأس العرب، فلنبحث عن الوسائل «المتاحة» التي تمكننا من تحقيقه.