نقول لأولياء الأمور، فكروا وتبصّروا وعبّروا عن أبوتكم قولاً وفعلاً وعملاً ولا تدعوا الفرصة تفوت، ولا تدعوا الدموع تنغرف بعد فوات الأوان. ففي كل صباح نُصدم بمشاهد مفزعة، ومجزعة، تتفطر لها القلوب، وتنكسر لها النفوس، فعندما نشاهد أحد الأطفال ـ ذكراً كان أو أنثى ـ في عمر الورود اليانعة، يتأبطه شخص غريب، ويهتم بشؤونه، أكثر بكثير من الوالدين البيولوجيين، فإن الأسئلة تدور في الذهن، كرحى صاخبة ونكون على يقين من أن هناك خللاً ما يسكن في الوسط، أي ما بين الأبناء والآباء.
وقد يسوق الكثيرون الأعذار، ويأتون بالحجج التي لا تقنع طفلاً في المهد، لأنه ما من عذر يجعل الوالدين يتخليان عن مسؤوليتهما الأسرية، والتزاماتهما الأخلاقية، تجاه أطفال يحتاجون إلى التربية أكثر من التعليم، ومن المؤسف جداً أننا نسمع ونقرأ ونشاهد أحداثاً دامية، وتصرفات يندى لها الجبين، والجميع يضع المسؤولية على مشجب الغرباء، وذلك بعد وقوع الواقعة وبعد أن تحل القارعة، وبعد أن تتفشى الصاعقة، وتبيد الماحقة الأخضر واليابس في القلوب.
في مسألة العناية بالأطفال، هناك جهتان مسؤولتان مسؤولية مباشرة، الأسرة ثم المدرسة، ومتى ما تضاربت الأدوار أو ضمرت واضمحلت وتضاءلت، وتوارت عن موقع اتخاذ القرار التربوي، يصبح من السهل جداً على كل ذي مرض أو غرض، أن يصب جام حقده، أو يصيب الشرف الرفيع في مقتل، ومهما فعل القانون ومهما اتخذ من وسائل عقاب ضد الجناة، فلا معنى لكل إجراء، طالما الجريمة نفذت، والحادثة حدثت، والأطفال جنوا ثمار الإهمال واللامبالاة من الأهل، أو المدرسة.
نقول: يا عالم، انتبهوا قبل أن تقع الفأس في الرأس، لأنه بعدها لا يفيد الندم، ولا تفيد الشكاوى والدعاوى، فهؤلاء الصغار هم أبناء المجتمع، أودعهم أمانة في رقاب الأهل، ومن يتولون مسؤولية تربيتهم، والخلل في التربية والعناية والحماية والرعاية، كارثة إلى أبعد الحدود. هؤلاء الصغار سوف يشبون ويكبرون، وسوف يلعنون كل من تخلى عن دوره في الاهتمام بهم، وسوف يعلقون اللوم على الأهل والمدرسة، وسوف يكونون عقدة شائكة وشوكة وخازة في ظهر المجتمع فيما لو أصابهم أي مكروه، بسبب ضحالة الفهم في التربية. هؤلاء الأطفال هم عماد المستقبل، وهم الركيزة التي يستند عليها الوطن، ومن يخل بتربيتهم، فإنه يخون ضميره كما يخون الوطن، وخائن الوطن، خائن للدين والأخلاق والقيم الإنسانية التي تربى عليها جيل سالف، كان الابن بالنسبة له العمود الفقري، والسد والسند.


Uae88999@gmail.com