تجيء موافقة المجلس الوطني الاتحادي على قانون مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب لدعم المنظومة التشريعية الخاصة بمواجهة هاتين الآفتين من آفات عصرنا، وتأكيداً على مضي الدولة في تطوير البيئة القانونية بما يعزز جهودها المحلية، والتنسيق الإقليمي والدولي للتصدي للإرهاب وتجفيف منابعه بما يعزز أمن واستقرار المجتمعات والسلم العالمي. وجاءت الموافقة في وقت اختتم فيه وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعهم في دولة الكويت الشقيقة، وهم أكثر تصميماً على «محاربة الإرهاب واجتثاثه»، من خلال تعزيز العمل الأمني المشترك بين أقطار المجلس، التي كانت عدد من دوله وجواره هدفاً للإرهاب والإرهابيين، وعانت- ولا يزال بعضها- يعاني من الآثار السلبية للإرهاب على مواطنيها واستقرار المجتمع فيها. لقد كان لليقظة العالية، والمعالجة الوقائية المبكرة التي تعاملت بها الإمارات دورها وأثرها الواضح في منع ظهور هذه الآفة التي تضررت منها بعض بلداننا الخليجية التي استغل الإرهابيون فيها بعض الظروف لينشأوا وينشروا خلاياهم السرطانية، ويخترقوا مجتمعاتها في محاولات يائسة بائسة لتقويض استقرارها وأنظمة الحكم الشرعية فيها. وقد استغل أولئك الإرهابيون الدين الإسلامي الحنيف وتاجروا به، واستدروا به عطف الناس والرأي العام لجمع التبرعات بزعم نقلها للأيتام والفقراء والمساكين ومصارف البر، وإذا بتلك الأموال تذهب لتمويل أنشطتهم الإرهابية لزعزعة أمن واستقرار المجتمعات في بلدانهم وغيرها من البلدان المجاورة في العراق واليمن والصومال وغيرها من الدول العربية والأجنبية. ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بأكبر عمليات لتضليل العقول وغسل الدماغ لعشرات الشبان في دور العبادة والعلم لإقناعهم بالخروج عن طاعة ولي الأمر، وأقنعوا آخرين منهم بالخروج من أوطانهم لما أسموه «جهاداً»، وهناك جعلوهم أمام فوهات تصفية الحسابات بين الجماعات الإرهابية الأخرى في قتال المصالح وتجارة المخدرات، كما حصل في أفغانستان وغيرها من الميادين والجبهات التي استدرج إليها شباب غر من شباب الخليج وغيرهم من البلدان ممن تم خداعهم والتغرير بهم، بفتاوى مشايخ ودعاة الفتن. وسمعنا بقصص مؤلمة لعشرات الأسر في السعودية والبحرين والكويت وحتى هنا في الإمارات، وهي تروي كيف فقدوا أبناءهم، وهم في مقتبل العمر جراء فتاوى الضلالة والتضليل تلك التي زينت لهم القتل والتدمير. اليوم ومع استمرار تطوير منظومة التشريعات للتصدي لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وحرص الدولة على تأمين المجتمع وصون أمنه واستقراره وسلامة كل فرد فيه، يتطلب الأمر من الجهات المختصة تبصير عامة الناس بجوانب هذه القوانين الجديدة، والآلية التي تعمل من خلالها، فالبعض بحسن نية أو عن جهل لا يتوانى عن نقل مبالغ من المال لإيصالها إلى «دار للأيتام» من دون أن يدري أنها لمعسكر لتنظيم إرهابي أو لواجهة إعلامية وبوق من أبواق الترويج للتطرف، وترديد المزاعم الكاذبة والتخرصات عن بلاده وبقية بلدان الخليج التي وقفت بقوة ضد التطرف والإرهاب، الذي تنادت كل دول العالم للتصدي له، ووضع حد للجنون الذي تمارسه الجماعات الإرهابية وتعطشها لسفك الدماء، ونشر الخراب وتدمير مقومات ومقدرات الدول وزعزعة استقرار المجتمعات المزدهرة في خليجنا الأغر. ali.alamodi@admedia.ae