الزلزلة التي رجت الأرض قبل أسبوع أرعدت جلود الكثيرين، ولم يعرف ماهيتها الكثيرون، واجتهد في تأويلها الكثيرون، ووظفها البعض لمعتقده الفكري، وأرجعها البعض إلى منطق الطبيعة والعلم التجريدي، واستغلها البعض للترويج لمزيد من الإشاعات وإثارة البلبلة في المجتمع، لكن نخرج من هذا الموضوع لنلج في تفاصيل ساعة الحدث، وكيف كان يفكر كل واحد منا في مكانه، وأين كان يضع يده حينها.
• بالنسبة لي، فقد كنت قد أخرجت سيارتي من صيانتها الدورية في الوكالة، ولأنني كنت منشغلاً ساعتها بوضعيتها، وما صارت إليه، منصتاً لكل الأصوات فيها، وفجأة شعرت برجفة في “الماكينة” فتوترت، وهذا حالي حينما أسمع صوتاً غريباً في سيارتي، فرجفت ثانية، حينها بدأت أسب وكالة السيارات، وعمالها غير المهرة، وأن بعض محاسنهم تظهر حين البيع، وكل مساوئهم حين الصيانة!
• أحد الأصدقاء همد بعدما أسكن ثلاثة أرباع صحن “مجبوس الهامور” في بطنه، دون أن يشكر الطباخ، واستلقى جاعلاً مكيف الهواء يضرب وجهه مباشرة، ثم خرّ كالقتيل في نومة الظهر، وفجأة سمع تصافق أبواب، وقرقعة أواني، فسب أم العيال التي لا يحلو لها الخرخشة إلا ساعة رقدته!
• إمام مسجدنا القريب، تحدث عن الزلازل وأنها إنذار من الله لعباده، وعلمنا ما نقرأ حين حدوث الزلزال، وبعد أن انتهى، قلنا له أجبنا بصدق، دون آيات أو أحاديث، كيف وأين كنت ساعة الهزّة، قال كنت بين اليقظة والنوم، وشعرت أن الأرض تميد بي، فتبادر لذهني اقتراب الساعة، فبدأت أتشهد، وغاب عني ما حفظت، وما قرأت!
• واحد كان منتشياً ظهراً، وحين خرج ومشى قليلاً اهتزت الأرض تحت قدميه غير الثابتتين، فشعر بشيء كدوار السُكر، فقال في نفسه: “كأني ثقّلت اليوم، وإلا دواؤهم مغشوش”!
• أم سعيد فزّت من قعدتها على تساقط “الوعيان والصحون”، فدعت بالعثرة على بشكارتها الفلبينية، وحين ارتج البيت ثانية، ما خلت وما بقت عنها!
• زوجان قديمان، بدأت الحياة تضيف إلى أيامهما ضجراً ورتابة، وحضرت المشاجرات لأي أسباب تافهة، واللوم على الآخر طبعاً، مرت عليهما الهزّة الأرضية، وأعادت لهما رشدهما، وحبهما الأول بعدما تحول إلى واجب منزلي!
• أحد سكان العمارات المكتظة، نزل كالمصروع ببيجامته، وحين رأى حشداً من الناس متجمهرين تحت العمارة، صاح بهم: إلى البيداء يا مسلمين إلى البيداء!
•عامل بسيط وجديد في الإمارات، حينما شعر بالزلزال، وخرج مع الخارجين، أصابه ذعر المغترب الشاب، وظل يسأل، ويتساءل، وينصت لأقوال المزايدين، والمروجين بحدوث زلزال أكبر، فزاد ذعره، وصرخ:”أنا عايز أرجع مصر.. دلوقتي وحالاً”!
amood8@yahoo.com