للذاكرة مكان وزمان وإنسان يضع الثمرات على الأغصان، ويسرد للحياة عن حكاية ويمنح البداية نصوعها وبديعها ونصوعها، وبراءة الاختراع لوطن كان في البدء شيئاً وأصبح أشياء تخلب اللب، مبهرة، مزهرة، زاخرة، ساحرة، سامقة باسقة، لبقة متألقة ببيان العقل، وتبيين الإرادة التي ما انطفأت وما انكفأت بل أشعّت وأضاءت وأنارت واستنارت بنور القريحة الصريحة، الندية الزاهية·· هكذا قدم زايد نفسه لوطنه والعالم أجمع، شاعر فذ، ومؤسس جهبذ، وضع الحلم الجميل الأصيل النبيل قلادة على نحر الوطن، ومن بين صلب وترائب الصحراء، منح التراب لوناً حتى تسامى الأخضر المبهر عبرة في التاريخ وصولة في الجغرافيا، فبدت إمارات الخير في عهده وسنده ووعده مداً يمتد في المدى كامتداد الشمس، ونصوع القمر وبنبوغ القطرة، بلغ زايد بالوطن من أدنى إلى أقصى ومن البدء إلى مشارف المجد وقمته·· زايد زاد في عطائه مستزيداً من نث القطرة، وغيث العبرة ونفث الخبرة في بناء وطن لا شبيه له إلا في مخيلة زايد الزعيم، والقائد والمؤسس والمبدع المتنفس من فيض الوطن ونفح صحرائه، وفوع خيلائه·· وما الصورة على جدار أو مدار، إلا مشهد من مشاهد توق النوق التي شدّ لجامها زايد، لتمضي بالوطن نحو غايات ورايات قويمة مستقيمة، بقامة وشامة، ووسامة واستقامة الناس الأوفياء النجباء النبلاء·· زايد النبت الطيب جذره في الأرض وفرعه في السماء فأينعت القريحة علماً وفهماً، ونوراً مُشعاً، أشاع حلماً تلألأ بياضه في الكون عَلَماً وأملاً·· فأصبحت الذكرى ذاكرة خصيبة رحيبة قشيبة·· زايد الخير، أسكن الناس في قلبه، فسكن القلوب وملأ الدروب بصوره وسيره، نافحة بعطر المآثر جلية ببهاء التاريخ الذي سطّر فصوله زايد بحروف من شفافية القطر وعافية الخبرة، شافية العبرة، وقدرة الطموح على قطع المسافات بجموح النبلاء، الأصلاء، وكبرياء وشموخ الواثقين من تحقيق النصر المؤزر على طبيعة جغرافية ما كان لها أن تنيخ ركابها لولا فطنة الفارس، وحنكة القابض على جمرة الأمل· زايد، كبُرَ الوطن به، وله نهض مستجيباً لنداء القلب وهديل الروح، فانتفضت الأرض ومن عليها، كلنا جئنا طائعين ملبين صوت الحق، وصبوة الحقيقة، وصحوة الخلايا والنوايا· زايد، الظاهرة الفريدة العتيدة، المجيدة في التاريخ الإنساني، قل ما تنجب الأرض البشرية مثيلاً له، ورديفاً لشخصيته، وندر أن يجد التاريخ رمزاً تجتمع على حبه القلوب، وتتآلف بحبه الدروب، السارد قصة الإنسان على الأرض، الواعي المترعرع في النفوس وجداً ومجداً، النابت في الدماء شرياناً ووريداً· زايد المشهد المضيء في الحالكات السود، واليوم الموعود لماضي وحاضر وغد الإمارات·· زايد، زائد في الريادة والقيادة، والصياغة وبلاغة التأسيس والتسييس وصناعة الأمل