ماذا تفعل لوجدت شاباً يافعاً يقضي الليل في طراد قديم على شاطئ البحر بالقرب من منزلك، يوم يومان والشاب تحت المراقبة من جانب راعي البيت الذي اكتشف أن الشاب لا يأتي إلى الطراد إلا عندما يأتي المساء وفي بهيم الليل يسحب جسده النحيل نحو الطراد وينام متوسداً بعض الأوراق والملابس القديمة·
هذه الصورة هزت مشاعر راعي البيت الذي ظن بالشاب الظنون ورسم صورة غامضة للشاب، ولم يمكث راعي البيت كثيراً وقرر أن يقطع الشك باليقين وبالفعل انتظر إلى ما بعد منتصف الليل وقطع على الشاب خلوته في الطراد فإذا به أمام قصة مؤلمة اهتز لها بدن الرجل الذي حمل الشاب إلى بيته مباشرة ورفض أن يكمل ليلته في الطراد يلتحف البرد ويتوسد الألم·
بهدوء قال له الشاب أنا ضحية التفكك الأسري فقد طلق والدي والدتي وتزوج بأخرى وعلى الرغم من أنني أعمل في وظيفة محترمة وأتقاضى معاشاً شهرياً إلا أن هذا المعاش لم يكن يصلني منه سوى الفتات، إذ يتم تحويل المعاش مباشرة على حسابين منفصلين للأب والأم وبعد ذلك عليّ طرق بابيهما طلباً للمصروف، حيث أطرق باب الأب فأجد زوجته الثانية والشرر يخرج من عينيها تقول لي:إن أباك غير موجود سر دور عليه في المقاهي، يوم يومان لا أجده ولا أجد مجرد المصروف الذي يسد رمقي، وعندما يسعدني الحظ وأجده فإن الشرر الذي يخرج من عينيه كفيل بإشعال العراك بيننا المهم تنتهي المعركة ولا أحصل على فلس واحد منه، وبالطبع تستمر المعاناة مع الأم أيضاً لدرجة أنني عفت حياتي فلا أمل في حياة تشعر فيها أنك منبوذ من أقرب الناس إليك، مرات كثيرة لم أجد مكاناً للمبيت فيه، فلابيت الأب يسعني ولا بيت الأم يحتويني، ومما زاد الطين بلة أنني تلقيت من العمل كتاب شكر منذ أيام وصرت في غمضة عين عاطلاً عن العمل، ولم أجد أمامي سوى هذا الطراد القديم مأوى وملجأ بعد أن ضاقت الدنيا بي، فلا الأب رحمني ولا الأم رق قلبها لحالي ولا الدوام هو الآخر كان رؤوفاً بي، فقط هذا الطراد القديم الذي وجدته مناسباً لي في أزمة لا أعرف كيف أتعامل معها·
منذ ثلاثة أيام والشاب في ضيافة راعي المنزل الذي لم يكل من ضيافته والذي لم يجد أمامه سوى بوعوض يطلب منه المساعدة والمشورة في كيفية التصرف في وضع هذا الشاب، ومن جانبي نصحت راعي المنزل بعرض الموضوع على مركز الدعم الاجتماعي بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي لعل في جهود هذا المركز ما يهيىء لهذا الشاب مناخاً أسرياً مناسباً ويعيد مرة ثانية فتح ملفه في العمل ويمنحه جرعة من الأمل في غد أفضل·