في صباح عمري الجديد، أقر بأنني مصاب بتلك الأنانية التي أرى أنها لا تضر أحداً، فلتسمح لي بأنانيتي تلك الصغيرة في عيدها الثالث.. أريد السرير لي وحدي، أريد أن أصحو وحدي، لا أريد أن أتكلم على الريق، أكره الحديث قبل الإفطار، أحب أن أنام على السرير وبالعرض، أكره الشعر المتساقط على صحن المغسلة، أتضايق من رؤية أرضية الحمام المبتلة، أحب أن أرى السيراميك لامعاً مجلياً، أحب أشياء كثيرة وصغيرة، أحب النوم على شقي الأيسر مثلاً، أكره غطاء الوجه والرأس، أحب إن كانت لي نافذة ومطلّة على البحر، أن أستيقظ وعيني فيه، أحب الأزرق وأمقت الرصاصي. أنا لا أفهم في الحساب كثيراً، وأحب أن أشتري بلا حساب، أحب كل شيء في اتساعه.. الأكل لشخصين والفطور بيضتين ولقمتين وخبزتين، من كل شيء اثنين.. هكذا أبحرت سفينة نوح لتبقى على الحياة! أحب “الشوكولا” ولكن ليس في كل الأوقات، أحب أنواعها ذات اللون البني الفاتح، ولا أستطيب ذات البني المحروق، وإن حاول الآخرون إقناعي بفائدتها، أحب الصيف وهي لا تحبه، ما ذنبي أن أتعذب في العمر الجديد، أنا أحب الشتاء ولكن بشروطي، لا ملابس جلدية لامعة ولا تلك التي تشبه جلود النمور، أحب إن كان مصحوباً بمطر ورائحة كستناء وبامرأة تتدثر بالفرح والخيلاء، لا أحب ثمار البحر، ولا أحب صدر الدجاج، الخبز هو كفاف يومي، فلتسمح لي به إن كان محلياً أو أفغانيا أو تركياً أو إيرانياً أو حتى فرنسياً، هو لقمتي في كل الموانئ ولو غمسته بالزيت أو رطبته بدبس الرمان أو عدت به كعادة طفولية مغموساً بالشاي والحليب، أحب لعب الأطفال تلك الأشياء الجميلة التي حرمت منها، أقول لها أكره الأكل بالملاعق، أحب أن أمد رجلاً فأستريح، وأمد يداً فأشبع، لكنني لا أحب اليد السفلى، ولا الوجه الذي لا يخجل، ولو يبست مني العروق. أنا يا صغيرتي.. أكره الماء الفاتر، هو دواء سبعيني، فاتركيني في العمر الجديد، واتركيني أتفرج على لاعبة التنس الأرضي “كورنيكوفا” أو على زميلتها التي لا أعرف اسمها، لكن يعجبني رسمها! أنا لا أفهم في “المكرويف” ولا كيف تعمل الثلاجة، ولا كيف تطفأ الغسالة، ولا أفرق كثيراً بينها وبين النشافة، ولا أريد أن أفهم، فثمن ما تفعله هذه المكائن الثلاث يساوي دراهم، فليأخذها ذلك الطباخ أو تلك الفلبينية، فهذه حاجته، وتلك هي مهنتها، فقط أتمنى أن أظل لا أفهم في الأدوات المطبخية، ولا أسمع رنينها ولا تجاورني رائحتها، وأبقى فرحاً بالذي أنا فيه.. لصغيرتي في عيدها الثالث، عيشي طويلاً وعمراً سعيداً