في تعريف «الوحدة»
في كون “الوحدة” سبباً من أسباب السعادة والتعاسة، على حسب كيمياء المطلوب من الطالب، لكي تُعاش الحياة لأحد سببين، ودائماً لسببين، مهما تغيرا لفظاً أو معنى. الأول: أن الجسد من مُطلقات الروح، وتاليه: أن الروح من معوقات الجسد.
هكذا يمكن لأي أحد القيام بإزاحة نظام الشمس والقمر، الليل والنهار، الوسادة والحذاء، الأسطح والأقبية، المراوح والمساكن، المساند والقلوب، وإلى آخر مما في ذلك من تعنت مُنفتح على نهاية كل مصير.
ولأن “الوحدة” هي عَصَب كل جماعة، مجموع، مجتمع، وأي لغةٍ، فَهْمٍ، استقرار، فالمعاناة منها إثبات لقيم واحدة، وثقافة سائدة، وتخلٍ دائم عن المنطق، لأنه لا ميعاد محدد لدخول الخطر علينا. لهذا وعندما تقوم بتربية أسماك ملونة في حوض لها، يسمونه “حوض سمك”، ستعتاد من السعادة لحظات إلى أن تموت سمكة منهم، فتتخلى عن المتبقي حياً، وهكذا يحدث فيما لو جربنا أشكالاً أخرى من المشاركة، القطط مثلاً، الكلاب، الببغاوات، عصافير الأقفاص، وغيرهم من الحيوانات البيتية، لنجد الكل يزول، ما عدا السلاحف، تلك التي تعكس موضوع “الوحدة” عكساً مُتقداً، قياساً على الوقت المُعد سلفاً لكائنات ذات عُمر قصير، وأخرى كالسلاحف والجبال والبحور مديدة ولو إلى أمد محدد، إلا أنها مقارنة مع حياة فَراشة تُشكل نقيضاً للعدم.
ما الذي يعيش في السجن مع المسجون سوى ذكرياته، وجهاز كمبيوتر، والأصوات الآتية من احتكاك الأشياء ببعضها دليلاً على أن الحركة بَركة كما في المثل الشعبي. ويعيش مع المسجون أيضاً افتراضات لا حصر لها، منها عبارة: “بالتأكيد يموت كل يوم حياة وتُولد كل يوم حياة”، لذلك فإن الوجود في منتهاه غير الواضح لنا ليس إلا عاطفة متناهية الصِغر كالرغبة السريعة لمرور الثانية تكويناً لدقيقة، والدقيقة تكويناً لساعة؛ وما إلى ذلك من سيولةِ إقرارٍ بأن الحاصل حاصل لا محالة.
ولسوف يضطر الشعور بما حولنا إلى إدراك ماهية تأثير ذلك علينا، فمن ناحية: نرى تَوَحش وقوف المتعة عِند حَد، ومن أخرى: لا مناص من إدراك حلاوة كل شيء متروكاً على عواهنه مهما كانت الأرض أرضنا أم غيرها، وكذلك السماء. إن مَسَّاً طفيفاً مُعيقاً لحُرية الإحساس بالتفرد، يؤدي إلى دمار المسافة بين قدمٍ وقدمٍ لإنجاز خطوة سَيْر، وعليه؛ فأنت حُرٌ إذا لم تَضُر، وعلى “الوحدة” أن تعي بأن الطفولة مُستقرٌ أي لائذٍ من الحاضر والمستقبل لكي يحيا حياة مسجونٍ طليق.
eachpattern@hotmail.com