المارُّون من هنا
نجومنا السابقون، لم تنتهِ مهمتهم، بما صنعوه في الماضي، لكنهم يحملون إرثاً حقيقياً من الأيام والذكريات والمواقف والعطاء، يمثل دروساً للأجيال الحالية، التي لم يعاصر معظمها هؤلاء النجوم.. لم يكونوا شهوداً على تلك العصور ولا على زمن الهواية النقي الذي كان كل من فيه يحبون الكرة للكرة والرياضة للرياضة.. لم تستعبدهم المادة كما هو حال الكثيرين اليوم.. كان الجميع، اللاعب والمدرب والمشجع والحكم، يخوضون طقساً حياتياً ممتعاً وعفوياً شكل عبر سنوات زاهية صفحات من تاريخ ناصع لا يجب أبداً أن ننساه، بل علينا أن نتمسك به وأن نحافظ عليه وأن نتعامل معه بما يليق به من احترام وإجلال، وأن نقدر شخوصه وكوادره؛ لأنهم من أوصلونا لما نحن فيه وعليه اليوم.
المارون من هنا.. صناع البهجة والفرحة والزمن الجميل.. من يجلسون اليوم على شاطئ الذكريات يستعيدون شريط رحلة العمر.. يقذفون بذكرياتهم في بحور النسيان، ويلقون بنظرة في أفق رحب يمتد من هنا إلى هناك.. من اليوم إلى الأمس، ليسوا مجرد لاعبين ولا إداريين مضوا، لكنهم «بناؤون» شيدوا هذا الذي ترى، وصنعوا أكثر مما ترى.
ولأن «الاتحاد» لديها قيمها التي تلازمها ولا تحيد عنها، ولأنها ترى بأكثر من عين، وتعلم ما تتوق إليه نفسك، ولأنه تؤمن برسالتها الواعية في تشكيل الوجدان، وأيضاً في استدعاء كل جميل ومبهج في هذا الوطن، كانت سلسلة حلقات «شاهد على الرياضة»، وحوارات العمر التي سنبحر فيها مع أولئك العابرين على جسر الإبداع، نبدأ بالنجم اللامع فهد خميس، صاحب المسيرة الناصعة من الألقاب والبطولات، ونستكمل الرحلة مع بقية الأسماء والنجوم، لنقدم للقارئ وللساحة الرياضية خلاصة تجاربهم، وأشهر مواقفهم، وأروع ذكرياتهم، ليس فقط لنقرأها ولكن لنقيس مواقفنا عليها.. لنستمد منها القدرة على المضي للأمام.. لنعرف نحن أيضاً كيف نترك إرثاً لمن يأتي بعدنا.
من الفريج إلى دوري التلامذة وعالم الأشبال وبطولات العرب وكأس العالم بإيطاليا، وغيرها من المشاهد، يبدو الوجدان تواقاً إلى أيام بطعمها، لم تكن قد تكدرت بعد بطعم الاحتراف المر غالباً.. أجمل ما في ذكريات تلك القامات، أنها تختلط بسنوات عمرنا، وتشكل الكثير فينا، وأجمل ما فيها لمن لم يعاصروها أنها جزء من ماضيهم عليهم أن يعرفوه.. المارون من هنا لم يمضوا ويتركونا، لكنهم لا زالوا بيننا.. لا زال كل ما حولنا يذكرهم.. المارون من هنا ليست مجرد حكايات نرويها.. هي أحلى وأروع ما فينا.
كلمة أخيرة:
تذكر دائماً من سبقوك.. عسى يذكرك من يأتي بعدك.