لعل من أهم فضائل رمضان أنه يعلمنا كيف يمكن أن نتخلص من بعض العادات، خاصة القاتلة منها، والتي تمسك بتلابيبنا، وتجعلنا أسيرين لها، ونعتقد أننا بدونها قد لا نقدر على عمل أو تمضية ساعات اليوم براحة وصفاء ذهن، فالكثير يعتقد أن اليوم غير ممكن بدون فنجان أو فناجين من القهوة، ويجزم أنها تعدل الرأس، وتذهب بالصداع، وتجعل من خطواته متوازنة، ويستطيع أن يتعاطى مع الناس بحس هاد، والكثير يعتقد أنه يصحو صباحاً فقط ليستمتع بإشعال حبة سيجارة مع قهوة الصباح وجريدته في شرفة خالية من ضجيج الأولاد، وإن لم يتم هذا الطقس كما هو معتاد عليه، فسيكون نهاره مقلوباً، ولا يوافقه السعد أينما سار، ولن يوفقه الرب في مساعيه، والكثير يعتقد أن فطور الصباح المسهل والملين إذا لم يستقر في معدته قبل ذهابه لعمله يمكن أن يكون نذر شؤم عليه وعلى الموظفين الذين تحت إمرته، وعلى المراجعين المستعجلين دوماً، وهناك الكثير من النساء إذا لم يرافق صباحهن اتصال مع فلانة لتشكو لها ما فعلت علانة أو تبقى تتسامر مع جاراتها نابشات في سير الناس، ومركزات على خيبات النساء وما فعل بهن الزوج والزواج، هذه التسلية الصباحية أيام الفطر والعادة المستحكمة في كثير من النساء يعتقدن أنهن غير قادرات على التخلص منها، لأنها حلوى الصباح وفاكهة الجلسة، ولا يصدقن متى ينتهي رمضان حتى يعدن إليها بفرح كبير.
نستطيع أن نعد كثيراً من العادات تركناها تسيّرنا وتتحكم بمزاجنا، وهي وبال علينا، وعلى صحتنا وعلى رقي أخلاقنا وسلب لوقتنا، بعض الزملاء قال تخلصت في رمضان من عادة شرب كأس قهوة بالحليب و3 فناجين قهوة مُرّة، وكأسين شاي أحمر فقط في نهار العمل، ونصفها مساء، لأنه حينما حسبها في الشهر ظهرت كثيباً من السكر وبرميلاً غير قابل للصرف إلا من خلال أنسجة الجسم والشرايين وطبقات من الشحم.
وينجر الكلام على عادات الأكل غير المتكامل عند المواطنين، فهو يتشابه، ويكون بكميات زائدة، وفي أوقات غير مناسبة، ويفتقر للأساسيات الصحية، وبالتالي يجمعون الثلاثي من أمراض العصر، وقلة الحركة، السكري والضغط والكليسترول في أعمار مبكرة، ويورثونها لأبنائهم، مثلما يورثونهم بعضاً من عاداتهم غير السوية.
لكل منا عاداته السيئة، ويعرفها، ويقدر على التخلص منها، شرط أن لا نجعلها تتغلب على النفس، لأنها متى تغلبت عليها قادت الأجساد والنفوس إلى حتفها مبكراً، فقط لو نتأمل في رمضان، وكيف نقدر على ضبط النفس، نكون في غاية الراحة والسرور!


ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com