حكاية السيارات التي تسحبها الشركات المصنعة من أسواق الدولة بدأت تتزايد يوماً بعد يوم، فبعد حكاية شركة تويوتا التي ثارت منذ فترة في الولايات المتحدة ووصول القضية إلى الكونغرس وإصرار الرئيس الأعلى للشركة اليابانية على الاعتذار وما تلا ذلك من ضجة كبيرة في كل العالم حول كفاءة السيارات وشروطها الفنية، ومدى توافر ضمانات السلامة والمخاطر التي تشكلها تلك العيوب على حياة الناس و.... الخ.
فبعد “تويوتا”، كان دور سيارات “اللكزس” ، ثم “البورش” واليوم “كيا” وغدا لا ندري من، والضحية هو المستهلك في نهاية الأمر، الذي يدفع مئات الألوف من الدراهم ويراكم على نفسه أقساطاً تكسر الظهر ليفاجئ بعد فترة من استعماله للسيارة بوجود خلل واضح، إما في نظام التكييف أو في سفايف السيارة التي تنتهي سريعاً، أو في نظام التشغيل بشكل عام أو الكومبرسر أو .... وعادة ما تعلم الشركة بوجود هذا العيب لكنها لا تعترف به فتحاول التغطية على العيب بأي طريقة كاتهام صاحب السيارة بأنه أساء استخدامها أو أنه لا يفهم في تكنولوجيا السيارات وبأن الأمر طبيعي و.... هكذا.
حدثني مهندس فني طائرات، يعرف جيداً في أمور تقنيات المحركات وبإمكانه تشغيل طائرات تعمل بالكمبيوتر من الألف إلى الياء عن قصص عجيبة وغريبة لما يصادفه الناس من عيوب تصنيع في السيارات ومن عدم اعتراف الشركات بهذه العيوب، الأمر الذي غالباً ما ينتهي بتحميل الزبون المسؤولية والثمن، مع أن السيارة عادة ما تكون جديدة، والأنكى حين تكون في فترة الضمان!!
الحل الذي تلجأ إليه بعض الشركات هو ما يعرف بـ”التربلشووتنج” أو إعادة تشغيل النظام ، وهي طريقة لا تفلح عادة في القضاء على الخلل، لأن الخل في أساس التصنيع وهو ما قاد حكومة الولايات المتحدة إلى مناقشة الأمر في الكونغرس ومطالة تويوتا بتعويضات ضخمة جداً وباعتذار رسمي وعلني، لأن المسألة ليست بسيطة، إنها أرواح الناس التي لا يمكن التهاون فيها بهذه البساطة التي تتعامل بها معنا شركات تجارية كل ما يهمهما مصالحها فقط حتى وإن كان الثمن حياة الناس.
إن تزايد أعداد الشركات التي بدأت تعترف بعيوب مصنعية حقيقية في سياراتها في الآونة الأخيرة لا يدل على أن هذه العيوب مفاجئة أو وليدة اليوم، هذا أولاً، أما ثانياً فإنه يدل على أن العيوب والمشاكل الموجودة منذ سنوات طوال بدأت تظهر على السطح وبشكل أصبح من غير الممكن تغطيته بأي طريقة بعد أن تزايدت تقنيات الكشف عن العيوب وتزايدت سطوة الإعلام الذي بدأ يفضح هذه التلاعبات!!
إن الأزمة المالية الراهنة والتي تضرب أعتى اقتصادات العالم، ستؤثر حتماً على صناعة السيارات، وسيقود موضوع خفض النفقات والتقشف إلى المزيد من ضعف الصناعة والمزيد من العيوب المصنعية، وهذا ما بدأ يظهر في شكل عروض مغرية وضمانات مجانية ليس على السيارات فقط، ولكن حتى على التقنيات الحديثة التي بمجرد أن يقوم المستهلك باستخدامها تبدأ العيوب بالظهور بشكل مفاجئ، فإذا أعدت البضاعة إلى المحل، تفاجأ بأن الخلل الذي تشتكي منه لا يغطيه الضمان، عندها تعرف أنك كنت ضحية لا أكثر!!
يحتاج الأمر إلى توعية أولاً، وإلى حماية حقيقية ثانياً وإلى ضمان حقوق المستهلك بشكل قانوني ثالثاً، لأن ترك الأمور لمنطق السوق سيتحول إلى كارثة حقيقية.



ayya-222@hotmail.com