ترتبط مهنة الصيد بتاريخ الإمارات، وهي مهنة عاش عليها الآباء والأجداد لسنوات، وظلت مصدر الرزق الرئيسي إن لم يكن الأوحد بالدولة وخاصة لسكان المناطق الساحلية، وارتباط آبائنا وأجدادنا بالبحر كان نتيجة طبيعية لموقعنا الجغرافي، وامتداد سواحلنا على الخليج العربي وخليج عمان، بطول يصل إلى حوالي سبعمائة وثلاثين كيلو متراً، فيما تقدر مساحة الدولة الإجمالية بسبع وسبعين ألفاً وسبعمائة كيلو متر مربع، يقطن على السواحل حوالي 85% من سكان الدولة.
وقد اختلفت مهنة الصياد اليوم مقارنة بالمهنة التي كان يمارسها الآباء والأجداد، نظراً لتطور الآلة والمعدات ودخول التقنيات الحديثة المستخدمة في مراكب ومحامل الصيد، وطرق الصيد وغيرها من التقنيات المبتكرة المستخدمة في رحلة الصيد اليومية وهو ما يتطلب
ورغم كل تلك المعطيات والظروف والتاريخ والجغرافيا، ما زلت لا أعرف سبباً للارتفاع الجنوني لأسعار السمك التي أصبحت تنافس أسعار الذهب، في أسواق الدولة.
موجه غلاء عاتية وسريعة اجتاحت أسعار سوق السمك، كنا قد ظننا أن العملية موسمية وستعود الأسعار إلى طبيعتها، ولكن مع مرور الوقت ترسخ السعر الجديد لدى البائع والمشتري وحتى المتفرج من بات لايقدر على الشراء، ونسي الجميع أن مَنْ الشعري (4 كيلو جرامات) كان بـ 10 دراهم، وكيلو الهامور 20 درهماً وسعر الكنعد يتراوح بين 40 و50 درهماً للمن، وكانت الأسعار تتراجع أحياناً وتصل دون ذلك. صحيح أن كل شيء من حولنا ارتفع وحقق صندوق الطماطم في سوق الميناء بأبوظبي 50 درهماً أمس الأول “ الكيلو بـ 8 دراهم” أغلى من التفاح.
وغيرها من السلع التي تضاعفت أسعارها ثلاث مرات.
ولكن السمك رزق بحر ويجب أن تخضع السوق لمزيد من الرقابة لأن السمك من السلع الأساسية ولا يجب ترك الحبل على الغارب للسوق والتجار.
في الماضي القريب جداً، أي قبل أقل من سنة، كان الناس يلجأون للسمك والدواجن لعدم قدرتهم على شراء اللحوم التي كانوا يعتبرونها باهظة الثمن، ولايستطيعون توفيرها على موائدهم، لأكثر من يوم أو يومين في الأسبوع، وكان التيس أو الخروف بمكانة الغزال، واليوم إنقلب الوضع على المستهلك، الذي لا حول له ولاقوة أمام تسونامي الغلاء الذي أتى على الأخضر واليابس، ولم تسلم منه أي سلعة” حتى الفراخ سعر الكيلو سجل 17 درهماً وفي دول مجاورة لنا بسبعة دراهم.
وإذا كان ارتفاع أسعار المواشي مبرراً، باعتبارنا نستورد أكثر من 95% من حاجتنا من اللحوم الحمراء، فما مبرر ارتفاع أسعار السمك، جواب التجار سيكون بالتأكيد ارتفاع أسعار الديزل السيف ذاته الذي يشهره التجار في وجه المستهلك عند رفع الأسعار.

m.eisa@alittihad.ae