هناك قلوبٌ لا تعرف إلا المحبة وأخرى نستها المحبة وثالثة تناست المحبة؛ فما يربط الحب بالذاكرة له علاقة بالروائح، والموسيقى، والأطعمة، والمناخ، والدروب التي يسلكها المحب للتواصل مع مُحبه. وعندما سمعت أغنية «وينك يا درب المحبة؟ جالت في البال أسئلة:«هل أغفله الناس أم أغلقوه أم ألغوه؟» نحن في عالم ينتعش بالحب الجديد فالجديد على قولة المثل الشعبي «حبه شديد» ولكنه بعد مرور السنين يتأثر بعوامل التعرية والتصحر والدوامات والمولات فيقتصر في بعض الأحيان على الاتصال بالمحب لسؤاله هل أكل؟ هل نام؟ هل لديه ما يكفيه من المصاريف؟ متى سترجع البيت؟ متى ستذهب إلى «الجيم»؟ متى تقلع الطائرة؟ متى يصل إلى الفندق؟ مع من سيجتمع؟ ما هي نتيجة الاجتماع؟ وربما «نزل الراتب وإلا بعده؟»! ملخص القول؛ المحبة الوجدانية التي تنتشر كالأكسجين في الدم ما عادت جزءاً من المودة بل أصبح الاهتمام بالأسئلة الهامشية يعبر عنها، وكأن تلك الأسئلة التي تُحاصر الثقة وتناشد الفضول هي أساس الموضوع. في حوارٍ مع أحد الحكماء ذات يوم:«لا أخجل من تقبيل ابني وأن أقول له «فديتك» وهو رجلٌ لديه عيال، حبي له لا يضاهيه حب. وأذكر سعادتي به عندما يفرح بعودتي من السفر وبكل كرامة وعزة نفس ينتظر الصوغة. ومن قريب سمعته يقول لأحد أبنائه: «لا تدخل بيت أبويه (أبي) إلا وفي يديك شيء. هذا الحب لا تغذية المادة بل تعبر عنه، فإن تذوقت شيئاً تمناه في حلق والديك، هكذا تربيت». فقلت للوقور: «إرث يعكس حضارة وثقافة». فقاطعني ضاحكاً: «نعم»، و«تَبين» الصدق، يقول المثل:«غنية وتفرح بالهدية»، محد ما تعيبه الهدية! وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام «تهادوا تحابوا». فقلت له:«صدقت»، ويقول المثل الشعبي: «اللي يبي يطعمك يدل ثمك»! قالت أم خالد وهي تعلمني كيف أبوح بالحب فهي تعاتبني دوماً وتقول: «الجهر بالحب أفضل من السكوت عليه؛ هكذا نُحب وطننا ومن سكن على أرضه الطيبة من رأس الهرم حتى أصغر رضيع. يا دكتورة كم من مقالاتك خصَّصْتِ للحب والشخصيات التي يُشع بها مجتمعنا الإماراتي؟». للعارفين أقول، دروب المحبة لها مسالك كثيرة؛ فهي من القلب وإليه. وليس من طريق قصير أو بعيد ولكن بلوغ الشيء ليس كمنتهاه. وهناك محبة لا تقترن بشرط أو قاعدة أو قانون: محبة الله، والوطن، وأولي الأمر ومن نرغب تبادل محبته من أبناء وبنات القبائل.