ما أسهل أن تبرر.. ما أهون أن نتكلم أو نستمع أو نضحك.. ما أسهل الأشياء طالما أنك لا تدفع كلفتها.. طالما أنها لا تعنيك.. ما أهون الأمور إذا ما غاب إنكار الذات، فسقطنا في المتاهات. حتى قضية خميس إسماعيل، في ظروف عادية، ما كانت تستحق تلك المقدمة التي تنبئ عن حدث جلل وألم كبير.. لاعب وشارك في مباراة، وشكا ناد من مشاركته، ويرى أنها غير قانونية.. المفروض لا شيء أسهل ولا أهون من ذلك، ولكن هنا، تحول الأمر إلى معضلة، وانعقدت اللجنة تلو اللجنة، وتاهت الأوراق في الطرقات، تنتقل من الانضباط إلى الاستئناف إلى أوضاع اللاعبين والتمييز، وغيرها من الأسماء الكبرى، وكأننا بلا قضايا كبرى صنعنا من توافه الأمور قضايانا الكبرى، ليعلم العالم أننا مشغولون. لا أدري لمصلحة من يحدث هذا، وأصدق كل الآراء التي قرأتها في القضية التي أفردها الاتحاد بهذا الخصوص، ولكن ما يؤرقني، حالة الاستسلام تلك من الجميع.. من الاتحاد ومن الأندية ومن اللجان نفسها.. استسلام للروتين وللكوابيس ولهذه الإجراءات المملة والمطاطة، إلا إذا كان الجميع يريدون ذلك، باعتباره لوناً من ألوان التوابل لدوري يفتقد التوابل في أحيان كثيرة.. لا أدري لماذا هذا الاستسلام لأمور بسيطة، وتحويلها إلى جبال، لا سيما أن القضية ليست الأولى، وبهذا النسق لن تكون الأخيرة، فقبل خميس، كانت هناك قضايا كثيرة، وبعده ستستمر القضايا، سيستمر الجدال، وتبقى المتاهة. أنا أصدق كل ما قرأت، ولا أصدقه، لأنني مؤمن أننا من يصنع كل هذا.. نحن من وضعنا أنفسنا في تلك الدائرة «الجهنمية»، وربما أنا واثق أن استمرار هذا العبث - إن استمر- فإنما هو لأن هناك من يريد له الاستمرار، لأنه ليس معقولاً أن نعلم الصواب ونتجنبه، إلا إذا كنا نجهل الحل.. وتلك طامة أكبر. لقد قرأت كل ما قاله المتخصصون والخبراء كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً.. أصدق الكلام كله.. لكن اعذروني، فهناك شيء في صدري، فكل هذا العبث يحدث وأنتم بيننا.. كل هذا العبث يحدث وغالباً أنتم صامتون. أنا لا أملك الحل، فلست مسؤولاً.. لكني أعلم أنكم إن أردتم ستوقفون هذا اللعب وفوراً. كلمة أخيرة: إن استمر هذا العبث لابد من المساءلة.. فلا يجتمع «عبثان».