633-1 -3=0
هذه ليست معادلة جديدة في مادة الأحياء، وإنما نتيجة تمخضت عقب أيام من تحقيقات وزارة التربية والتعليم، شاركت فيها أطراف عدة، وتتعلق بقضية تسريب امتحان مادة الأحياء للصف الثاني عشر (أدبي)، وقد عقدت الوزارة لأجلها مؤتمراً صحفياً الخميس الماضي، أعلنت خلاله قرارها منح الطلاب الذين”تورطوا” في “الغش” وعددهم 633 طالباً درجة صفر في الامتحان عن الفصل الدراسي الثالث، الأمر الذي أثار حفيظة أولياء أمورهم والميدان وشرائح واسعة من الرأي العام، الذين تابعوا بدهشة محاولات الوزارة التهدئة والتقليل من شأن واقعة تعد الأولى من نوعها في الدولة. فمنذ أن وعينا على التعليم النظامي لم نشهد لها مثيلاً، بينما تقول الوزارة إنه “تسرب محدود”.
ولمسنا اتجاه التهدئة من جانب الوزارة في البيان الذي صدر منها عقب المؤتمر الصحفي، واستهل بتهنئة الطلاب بانتهاء الامتحان، من دون أن تقدم الإجابة عن السؤال الكبير، حول الطرف الذي تسبب في التسرب” المحدود” والإجراءات التي ستتخذ بحقه أو بحقهم. ومنذ ذلك المؤتمر الصحفي والتساؤلات تتلاحق عن الإجراء الذي تم بحق الطلبة، والذي لم يكن حاسماً فيما يتعلق بالطرف الذي يعتبر أساس المشكلة، والثغرة التي ولدت منها.
لقد كانت القضية منذ كشفها محل استهجان ورفض الجميع في مجتمع يقدر المجتهدين والساهرين لطلب العلا والرقي، فالغش مذموم وفعل مرفوض ديناً وعرفاً، وعندما يبني الطالب مسيرته الدراسية اعتماداً على الغش، فإنه بذلك اختار أن يكون شخصية غير سوية، وعلى استعداد في المستقبل للغش والمساومة على أمور تتعلق بأسرته ووطنه، وغيرها من المسائل الكبيرة والمحورية في حياتنا العامة والخاصة. ومن يساعده على ذلك أو يسهل عليه الغش، فإنما هو الشريك الأساسي، وهو طرف غير مؤتمن على الموقع والأمانة التي وضعت بين يديه.
ومنذ الكشف عن خيوط تلك الجريمة بعد أن تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سارعت الوزارة القضية للإعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق، والتي كنا نعتقد بأنها ستساهم بسرعة في إماطة اللثام عن ملابساتها، ولكنها زادت تعقيداتها بالشكل الذي أعلن عنه، وعدم تحديد موعد للإجراءات المقبلة بحق المتورطين الحقيقيين في الواقعة، فقد رفضت الوزارة حتى الحديث عن نقطة بداية التسرب والاكتفاء بالتأكيد على عدم إعادة امتحان الأحياء للأدبي وعدم وجود تسريب في امتحان التربية الإسلامية.
وقد ركزت الوزارة في تصريحاتها على الفرصة المتاحة لطلاب “الصفر” بالتقدم لامتحان الإعادة عقب الإعلان عن نتائج امتحانات الصف الثاني عشر في الرابع من الشهر الجاري، كما أعلن من قبل. ومع تقديرنا لاعتبارات الوزارة في تناول القضية، إلا أن الشفافية مطلوبة ومهمة لتوضيح حقيقة ما جرى، وتقديم المتسبب أو المتسببين الرئيسيين للعدالة، تأكيداً للمصداقية واحترام القانون، وتجسيداً لرسالة الوزارة ودورها التربوي الذي يسبق عملها على الجانب التعليمي، متفائلين بنجاعة إجراءاتها الجديدة لعدم تكرار ما حدث وإن كان “محدوداً”.
علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae