فاز الإخوان، ومصر العروبة تنتظر بشغف ولهف أن ينجح من فاز بالامتحان، وأن يحقق ما ينتظره شعب مصر من الفائزين من صلاح في الرؤية السياسية وفلاح في تأمين الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقدية لكل الشرائح المصرية التي كانت جميعها في وجه المدفع عندما كان الميدان سيد المكان.
الآن وبعد أن ذهبت الرياح بحسب ما تشتهيه السفن، لم يعد أمام الرئيس الجديد وحكومته وحزبه من وقت للكلام سوى الحديث عن الانسجام والالتئام وتحقيق الأماني التي كانت أحلاماً تراود مخيلة كل مصري.. الآن المطلوب من الرئيس الجديد أن يضع مصر العربية في موقعها الصحيح على الخريطة الإقليمية والعالمية وأن يعمل بكل ما أمكنه من حنكة وفطنة في سد الفراغ الوسيع الذي ترك لمدة طويلة ما جعل رؤوساً إقليمية قريبة وبعيدة تلج المنطقة من خلاله.
الآن انتهى وقت الشعارات ولا نداء إلا لمصر التي تريد وتتمنى من الجميع أن يرتفعوا فوق الشخصنة وفوق العرقنة وفوق الأطياف العقدية، ولا عقيدة إلا حب مصر العزيزة ولا منهج إلا بنهج الارتقاء بهذا الشعب المنهك اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ولا عيون تحدق إلا نحو النيل العظيم، ولا قلوب تهتف إلا نحو الهرم المصري العريق ولا عقول تهفو إلا نحو التراب المصري ولا أرواح تحلق إلا في سماء مصر.. الاختبار صعب ولن ينجح فيه إلا من تصالح مع نفسه ورمى بتراكمات الماضي في قمامة التاريخ.
الاختبار صعب ولن يتجاوز محنته إلا من خرج من شرنقة النظرات الضيقة ومن فكر في تحقيق ذات مصر قبل تحقيق ذاته.
الاختبار صعب والعيون كلها مُسلطة نحو التجربة المصرية الجديدة، فأن ينجح من فاز فتلك فضيلة يكتسبها الشعب المصري، وأن يرسب فإن جلجلة الفشل ستكون فظيعة ومريعة لأنها لا مجال للتجريب بمشاعر الناس ولا مجال للخوض في معارك جانبية تلهي وتلغي الدور المطلوب من الحكومة الجديدة.
بقلوب محبة مؤمنة نتمنى ألا تتكرر تجارب الآخرين في محيطنا العربي على أرض مصر لأن مصر القلب وضياع القلب تضيع معه دفقة الحياة وحدقة التطلع إلى غد بعيد للمصريين ما منهم من ريادة في صناعة الفكرة وقيادة في صياغة الآمال العريضة.
بقلوب محبة نقول للفائزين، لملموا الجراح وأوقفوا الصياح وابدأوا في ترسيخ الأحلام إلى واقع يعيشه الإنسان المصري في تعليمه وسكنه وصحته ومأكله، يعيشه المصري في حرية التعافي مع الحدث الإنساني بكل صراحة ووعي وبدون مقدمات شعاراتية لا تسمن ولا تغني.. فالشعار الوحيد هو أن يقول الجميع دقت ساعة العمل ولا اصطفاف إلا حول الوطن ولأجل الوطن.. ولا طائفة ولا جماعة إلا طائفة الوطن وجماعة الناس الذين يعيشون على هذا التراب.. نتمنى لمصر الحبيبة التميز لا التمييز.
marafea@emi.ae