العادي جداً أن تكون مثلهم، تذهب أينما يذهبون وتتحدث فيما يتحدثون، العادي جداً أن تكون في ركبهم، تتبع خطاهم وتنبهر بأفعالهم فقط لأنهم هم من فعلوها. وإن حدث وخالفت ذلك لأنك وجدت لك طريقاً خاصاً أكثر ملاءمة لك ولاحتياجاتك، ستعتبر في نظرهم أنك تحتاج إلى علاج نفسي- هذا في أفضل الأحوال- لأن خيار إقصائك بعيداً عن المحيط هو الإجراء العادي لمخالفة درب «القطيع». لم نخلق متشابهين، نختلف كثيراً في اهتماماتنا وطرق تفاعلنا مع الأشياء، في طرق استمتاعنا، وأسباب استهجاننا. ورغم تأكيد الجميع على تلك الحقيقة، إلا أن المختلف يلقى استنكاراً واستهجاناً لسلوكه، ويواجه بمحاولات إعادته- بكل الطرق والوسائل- إلى صف الصواب! ولكن من المعني أساساً بالقيام بهذا الدور؟ وما هي مرجعيته التي تجعله يحدد معنى وشكل هذا الصواب؟! هل ما يناسبنا ويتواءم مع معتقداتنا هو صواب؟ أم ما يريحنا ويمتعنا ويسعدنا هو الصواب؟ أم أن الصواب فيما يحقق مصالح مادية لنا؟ وهل يمكن أن ما تعتبره صواباً هو غير ذلك لدى أشخاص آخرين؟ وهل لهؤلاء الآخرين صواب لا يتلاءم مع صوابنا؟ أم أن للصواب معنى آخر بعيداً عن هذه المفاهيم، وهل لهذا الصواب أوجه ودلالات أخرى؟ وإن كان أن للصواب أو الحقيقة زوايا مختلفة يحددها أشخاص مختلفون، لماذا إذن لا نحترم اختلافاتهم، أليسوا هم أيضاً يملكون جزءاً من هذا الصواب؟ ?ما هو لون الضوء؟ لا يخبرني أحد أن لونه أبيض.. كما لا تحاولوا إقناعي أن لون الظلام أسود! لقد‏ ظلموا اللون الأسود عندما ربطوه بالظلام؛ فهناك ظلام أبيض، وظلام وردي، وآخر أزرق، كيف ذلك؟ عندما لا نرى سوى لون واحد في مكان ما بدون تدرج، يعني أننا أمام الظلام؛ وعندما لا نسمع سوى صوت واحد له رأي واحد، ولا تلتقط آذاننا أي اختلافات أخرى في الكون، فإننا نعيش الظلام، وعندما لا نرى سوى أنفسنا.. يعني أننا في ظلام. مهما كان هذا اللون المبهج الذي نعيشه، يظل ظلاماً طالما أنه لون واحد، وأي اختلاف مهما كان لونه سيكون بمثابة النور؛ فلنتخيل مكاناً يملأه البياض، لا شيء غير البياض، وفجأة تمر قطة سوداء، ألن تكون هذه القطة بمثابة الشمعة التي أضاءت المكان، ودليلا على طريق في عتمة البياض؟! هكذا هي الحياة، الاختلافات تضيء الكون، والمختلفون معنا بمثابة الشمعات التي تحدد معالم الطريق. ‏Als.almenhaly@admedia.ae