الإسلام منهم بريء!
علقت قارئة على مقال سابق حول «داعش» والفظائع التي ترتكبها ضد المواطنين الآمنين في بيوتهم وأوطانهم باسم الإسلام وتطبيق الشريعة وما إلى ذلك مما يضحك ويبكي معاً، قائلة «ومن قال إنهم مسلمون؟ إن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وهؤلاء روعوا الناس بجرائمهم وإرهابهم، إنهم ليسوا أكثر من إرهابيين، بعضهم عبيد الدولار بحسب مموليهم، والبعض الآخر مرضى بأمراض نفسية خطيرة كالسادية مثلاً، وجزء منهم جهلة يفتقرون إلى فهم الدين، وقد فسروه على هواهم وبحسب ما وافق أمزجتهم وأهواءهم، فراحوا يفعلون ويتصرفون بشكل يبرأ منه الإسلام وتتبرأ منه كل الأديان السماوية»، هذا هو التعريف الصحيح والدقيق لهؤلاء المتوحشين الخارجين من مجاهيل الغابات وظلام الكهوف، غابات النفوس المرعبة وظلام العقول والقلوب!
إن «داعش» ومن سار على نهجها ليسوا سوى قمامة من قمامات التاريخ، وما أكثر ما ينطوي التاريخ على أمثال هؤلاء، لقد ظهر من عمق هذه البلاد مرتزقة وجهلة ومتبلدون ومرضى نفسيون، حكموا الناس وأذاقوهم الويلات وأعملوا فيهم السيوف، كما جاء إلى هذه المنطقة من خارج حدودها من خلط دماء الأبرياء بمياه الأنهار، وأشاع القتل والسبي والاعتداء على الحرمات، وجعل ممتلكات الآمنين مشاعاً ومغانم لجنوده، لقد حكم مصر كافور الإخشيدي، وحكمها مماليك كانوا يباعون ويشترون، وحكم الشرق الصليبيون والمغول والتتار، وحكمه جهلة وظلمة، وكان العدل نادراً في التاريخ، وكانت سنواته المشرقة ما نتفاخر به على مر الأيام، لكن تلك السنوات المشرقة لم تكن هي القاعدة في الحقيقة، فحكم عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز وهارون الرشيد وسليمان القانوني وغيرهم، لم يدم قروناً، ولكنه كان لسنوات معدودة!
هذا الشرق مبتلى بالغلظة والقسوة ومبتلى بالظلم والديكتاتوريات، ومبتلى بالثروات والنعم التي لا تعد ولا تحصى، لكن ذلك كله لم يدر يوماً بشكل سليم وصحيح وكما يجب، كان هناك إصرار أزلي على إغراق المنطقة في الفتن والحروب والصراعات، ولم يكن لدى سكان هذه المنطقة استعداد لقبول كل ذلك وتصديقه لما شاع وانتشر وحقق أهدافه واستمر قانوناً ملزماً حتى اليوم، إن هذا الشرق لن يغادر تخلفه إلا بالتحضر والحضارة، فالتحضر يهذب الناس ويرقق سلوكهم وهمجيتهم، ويعمل على غرس قيم النظام والترتيب والحب تقديس الحياة والخضوع للقانون، إن الأديان السماوية، وعلى رأسها الإسلام، خاتم هذه الديانات، هي تتويج حقيقي للتحضر الإنساني، لكن الناس تدعي التدين ولا تعرف منه سوى اسمه فقط!
يحتاج أهل الديانات، والشرق منبعها ومستقرها وحاضنها، أن يفهموا ويتأملوا ويفكروا في أديانهم، وأن يدعوها تقودهم إلى نقاء الإنسان وحقيقته وأصل وجوده، ليعلموا أن الله خلق الإنسان ليعمرها لا ليدمرها، وليكون هذا الإنسان أنفع الخلق لخلق الله وليس أكثرهم إرهاباً لهم وسفكاً لدمائهم وترويعاً لحياتهم وتهديداً لحقوقهم، هذه الأفعال الإرهابية التي تقوم بها هذه الجماعات التي تطلق على نفسها كذباً وتبجحاً «إسلامية» لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد، سوى دين الكفر وعبادة الشيطان ربما، فالقتل وسفك الدم طقوس عبادات وثنية شيطانية يتقرب بها الشياطين لشيطانهم الأكبر، أما الإسلام وكل الديانات، فدعوة للسلام والسلم والأمان والأخوة ومكارم الأخلاق، ألم يقل الرسول لأصحابه «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فأي أخلاق يتبع هؤلاء الذين يجزون رؤوس الناس على الهواء مباشرة، ويدفنونهم أحياء، ويجبرونهم على اللجوء للجبال والنزوح والتشرد؟ إلا قاتل الله الجهل والجهلاء!
عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com