تصرفات سيئة
نشر الملابس في شرفات المنازل والشقق، هو نشر لثقافة التخلف وعدم الوعي بالمشهد الحضاري الذي تتبوأه بلادنا، وإذا لم يكن لدى الناس الذين يمارسون مثل هذه التصرفات أي وازع من ضمير يوقظهم من غفلة اللامبالاة والاستهتار بقيمة الجمال والنظافة، فإننا وبعد حين سنشاهد يافطات تتدلى من سفوح البنايات تعلن عن عصيان بشري ضد أي لمحة جمال أو ومضة تقدم·· الأمر الذي يجعلنا نقول إن من أمن العقوبة أساء التصرف، وحيال هكذا تصرفات لابد من حزم وجزم وأساليب صارمة لمواجهة الذين يتعمدون السير باتجاه تشويه اللوحة الجمالية التي تتمتع بها بلادنا وخاصة في المدن الكبرى التي نشأت وترعرعت ونهضت بعد كد وجهد ومبالغ طائلة صرفت من أجل الوصول الى مدن تتمتع بالأناقة والرشاقة وحلو المنظر وطيب المعشر·
ما نشهده في بعض الشوارع وواجهات البنايات يثير الاشمئزاز، ويؤكد أن بعض الناس شيمتهم الفوضى وسمتهم عدم الاكتراث بما تقدمه البلد من خدمات من أجل راحة القاطنين وسلامة مشاعرهم من كل غث ورث، هذه السلوكيات المريضة بحاجة ماسة إلى عناية مركزة وإنعاش الضمائر التي تقاعدت عن الفعل، وحيدت تفاعلها مع ركب التحضر·· سلوكيات تعبر عن وحشية مباغتة تريد أن تفتك بكل ما هو ناصع، وتقضي على كل ما هو جميل·· سلوكيات تستمرئ الإهمال وتحقير جيد الأفعال، وتحويل الأبيض الى أسود قاتم معتم، مظلم ، موحش، فلابد من العلاج، ولابد من إخراج الذين دخلوا في عتمة التخلف الى بؤر النور، والأخذ بأيديهم نحو ثقافة تتعاطى مع معطيات الواقع بوعي وتفتح·· ما يفعله البعض يشير الى حالة من البؤس الثقافي الذي يعيشه هؤلاء، والى مرض عضال تعانيه عقولهم لأنهم لا تلفت أنظارهم مثل هذه المشاهد الرائعة ولا تنبههم كل التحذيرات من إسدال مثل هذه اليافطات الشائهة على واجهات المنازل، فالملابس والشراشف، وحتى الملابس الداخلية تبدو وكأنها إعلانات لبضائع فاسدة لم تجد من يبتاعها، فأعلن أصحابها عن تنزيلات في زمن التصاعد في أسعار كل المواد الاستهلاكية·
وضع القوانين مترادفة مع برامج تثقيفية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أصبح أمراً ملحاً وصريحاً في الأهمية، وترك الحبل على الغارب وضع النوق البشرية في حالة من الانسياب وعدم الاستجابة لنداء الأخلاق والقيم الإنسانية التي رسختها بلادنا في تعاطيها مع الساكنين، مواطنين أو مقيمين على حد سواء، فنحن جميعاً نعيش على أرض واحدة ونأكل من خيرها، ونتقاسم الحقوق والواجبات معاً، لذلك واجب مقدس علينا جميعاً أن نراعي ما تقدمه البلاد للجميع، وما توفره لصياغة وطن جميل، نبيل أصيل، يحترم ويقدر الغريب والقريب، ولا فرق بين قاص أو دانٍ، المهم أن يحترم الجميع مقدرات البلاد ويحافظ عليها·