فلسطين القضية
مضت مدة طويلة على فلسطين كقضية، ربما تعبنا في المشرق، في المغرب العربي يختلف الأمر. في اللقاء الكروي الأخير بين المنتخب الجزائري والفلسطيني رفع الجمهور الجزائري علم فلسطين مشجعاً المنتخب الفلسطيني ضد فريق بلاده. في الواقع هو لم يكن معنياً بالمنافسة الرياضية في تلك المرة هو كان يقف في صف القضية، في صف فلسطين. فلسطين ترمومتر الإنسانية، إلى أي درجة أنت أقرب للضفة الإنسانية يعتمد على أي درجة أنت تقف مع فلسطين القضية. تهجير شعب كامل على مدار أجيال متتالية أمام عيون العالم الحر الديمقراطي المتمدن، عالم حقوق الإنسان وجمعيات حقوق المرأة وحقوق الحيوان، العالم الذي وقف ولا يزال يقف متفرجاً على المفتاح الصدئ العتيق الذي تقبض عليه يد عجوز في انتظار العودة لبيتها في القدس أو حيفا أو يافا أو بيت لحم أو أي من مناطق الأرض الفلسطينية التي يستنكر العالم حتى الاعتراف باسمها. فلسطين التي كنّا نغنيها صغاراً ونتلوها كالصلاة أصبحنا في المشرق متعبين من ترديد الأغنية. أحبطتنا الانقسامات والمفاوضات العبثية وكثرة الأخذ والرد في البديهيات، فانشغلنا بأزماتنا العامة والخاصة ونسينا القضية، أو اخترنا أن نشيح بأنظارنا بعيداً عنها إلى حيث احتمالية الأمل.
في المغرب العربي فلسطين قضية حية لا تبهت ولا تموت. أتذكر في زيارتنا الأخيرة للمغرب، كانت السيارة تقلنا لجامعة الملك محمد الخامس لحضور ندوة أدبية، حين ترجلنا من السيارة لفت انتباهي صوت أغانٍ يأتِ من بعيد، أغانٍ يتردد فيها اسم فلسطين، ولمحت من بعيد أعلاماً فلسطينية ترفرف مع العلم المغربي، وقفت لأرهف السمع لالتقاط الكلام البعيد، سألت مرافقنا المغربي: ماذا يحصل هناك؟ قال ببداهة طبيعية: إنهم يحتفلون بفلسطين. استغربت وأعدت التساؤل: ولكن لماذا؟ ماذا حصل؟ أجاب وهو يتقدمني إلى الداخل: لا شيء، لكنها القضية.
وفي الجزائر ضرب الجمهور الجزائري العفيّ مثالاً حياً للوقوف الصامد في ضفة العدالة الإنسانية حين صرّح أن فلسطين لن تُهزم في الجزائر.
ربما نحتاج أن نلتفت إلى فلسطين لنستعيد الأمل.