حيدر العبادي جديد العراق، المرتجى والأمل بعد قديم صال وجال ومال وكال بمكيالين وقسطاسين حتى هوى العراق في حفرة ليس لها قرار، ولا أسوار، وتحولت بلاد الرافدين إلى أنهار من الدماء والحروب الشعواء والشعارات ذات الهراء والافتراء. اليوم وبعد انتخاب حيدر العبادي رئيساً لحكومة العراق، يضع العالم اليد على القلب والأمل يحدوه بأن يفي الرجل بالوعود والعهود، وينقذ العراق من جحيم الحروب الطائفية، وينتقل بهذا البلد العظيم إلى مرحلة جديدة تشرق بابتسامة الوجوه وعلامة النصر على الأنانية والتضخم الذاتي، صفد العراق بأغلال الحزن والفقر والمرض والتخلف، هذا البلد الذي كان له أن يكون بلداً ناهضاً مستنهضاً طاقة أبنائه الإيجابية وهي في الحقيقة خزينة العراق التاريخية على مر العصور والدهور، عراق بابل وسومر، عراق الياذة الحلم الكوني وصياغة القوانين والنظم الصناعية والزراعية والاجتماعية التي أدهشت العالم، واليوم ما يطلب من العبادي هو أن يخرج العراق من شرنقة المحاكمات والمداهمات، يخرجه من الماضي لينقله إلى الحاضر، حاضر العراق الذي يتطلب همة عالية في التلاحم والانسجام وهبة وطنية تزيح عن الكاهل عواهن زمن أغبر ويقظة حقيقية باتجاه الإنسان من دون تمييز أو تفريق بين عرق أو طائفة ووثبة تقف سداً منيعاً ضد المتقاطعين المنقطعين عن الواقع، المتطلعين إلى دويلات ومقاطعات تمزق الجسد الواحد وتحوله إلى طرائق قدد. نتمنى من العبادي أن يتطلع إلى عراق المستقبل بعين ترنو إلى الشقيق والصديق، بصفاء ووفاء ودهاء يمنع الفضول النفسي ويزيح عن الصدور تراكمات عهود الاحتقان وعدم الاتزان، والعراق بإمكاناته المادية والبشرية قادر وبجدارة أن يحطم الأغلال ويرمي بسلال الحزن بعيداً. . بعيداً، فقط كل ما يحتاجه هذا البلد العريق، الإرادة الصادقة والعزيمة القوية والطموح المتوازي مع القدرات، وفوق كل ذلك يحتاج إلى الحب، فماء الفرات لم يزل عذباً وما يحتاجه هو غرس أشجار الحب على ضفافه ليظلل الرؤوس ويحمي النفوس من لظى الأحقاد الزمنية، وشظف الانهيارات القيمية. على العبادي أن يقف ضد كل معتد أثيم على الأقليات والاثنيات، وأن يجابه الظلم الاجتماعي بعقلية بابلية عتيدة، وأن يحقق للإنسان العراقي أولويات العيش الكريم، فلا يحتاج العراق إلى جيش جرار ولا إلى جنود مجندة من العسكر المنفصلين عن الواقع المتوغلين في الشوفينية، لا يحتاج العراق إلا إلى إنسان متعلم قادر على تحقيق ذاته من دون تزلف لطائفة أو تحذلق باتجاه جهة من هنا أو هناك. . أمام العبادي فرصة تاريخية في إنجاح المشروع الوطني وتأسيس دولة النظم التي لا تخضع لأصحاب الفتاوى الجهنمية المعممة بأذيال الأفاعي، العراق قوة ونخوة وحبور، إذا ما أُحسن استثمارها لصالح المواطن العراقي من شماله إلى جنوبه دون استثناء أو إقصاء أو إلغاء.