لا أحب متابعة التلفزيون كثيراً، ولكن أقوم بمسحة أولية في الأسبوع الأول من رمضان لمعرفة الجديد المثير في هذا العام، وما عسى أن يقدمه التلفزيون لنا نحن المجبورين على متابعة البث اليومي من أول النهار إلى آخر الليل، بحكم طبيعة هذا الشهر الفضيل وأجواء السهر في رمضان، صحيح أن هناك في الخارج الكثير المثير، خاصة في مدينة مثل دبي، ولكن الأجمل أن تشاهد الجديد من الأعمال الفنية التي تعب عليها الفنانون، سواء العرب أو المواطنين، على الأقل أن تتابع إلى أي مستوى تطور عمل هؤلاء المجتهدين في المجال الفني. صحيح أن كثيرين من أصحاب الفن ومخرجي التلفزيون، قد استفادوا من التقنية الحديثة، ولكن دائماً يظل النص والممثل هما العمود الفقري للعمل الفني، سواء كان دراما أو مسرح أو مجالات فنية أخرى. والجديد خلال السنوات الأخيرة، أن الكثير من النصوص التجارية لا تمت بصلة إلى الواقع، بل إن صورة كبيرة من التجني على الحياة الاجتماعية ظهرت بشكل لا يمثل الواقع، وتأتي على رأس هذه الأعمال الفنية، المسلسلات والتمثيلات الكويتية الحديثة، وبعض الخليجية، التي كثرت فيها صور العنف والأحاديث التي لا تتماشى مع صورة واقع الإنسان في الجزيرة ومنطقة الخليج العربي، خاصة هذا العنف والصراخ وأحداث المخدرات والسجون، والخروج حتى على العادات بصورة مزرية من بعض أفراد المجتمع، من خلال النصوص “المسلوقة” والتجارية التي تعتمد على الإثارة والتوتر، وشد المشاهد لأحداث لا تمثل الواقع، وتجميع حكايات غريبة ومثيرة، أكثر من أنها مواقف وتجارب خاصة لبعض منحرفي المجتمعات، وزجها في أعمال فنية. التلفزة وأعمالها - بالذات بعض الخليجيات من فنون درامية ـ أصبحت غثة ومزعجة وتدعوك أن تغير المحطة سريعاً إلى شيء فني جميل، ولعلّ أولمبياد لندن كانت الأجمل هذا العام في التلفزيون، لترتاح الأعصاب من الزعيق والمسلسلات ذات الطابع المراهقي التي لا تصلح إلا لمن يريد معرفة الواقع بصورة مغلوطة. ولتقترب أكثر من سقم هذه الأعمال الفنية أو بعضها من الخليجية، عليك أن تراقب كيف تسير الحياة الأسرية كما تمثلها هذه الأعمال، حيث يسقط الحاجز الأدبي بين الأبناء والآباء والأمهات بطريقة مبالغ فيها، حيث توجد أصول، ومهما تفتت بعض الأسر نظراً لظروف الحياة الآن، لكن لا تصل الصورة إلى هذا الحد، ولكن أزعم أن ما تقدمه بعض الأعمال من صور سيئة للأسرة، لا توجد حتى في حياة الغجر، أنه فن عند البعض مبتذل ومزيف، ولكن للأسف يدفع التلفزيون دون تدقيق لأنه يريد أن يشغل مساحة البث. أجمل ما يقدمه التلفزيون ويعجبني كثيراً، برنامج الأطفال أو حكايات الأطفال التي ترويها الممثلة الإماراتية البديعة رزيفة الطارش وحكاياتها الجميلة لأطفالنا، بصورة محببة وبلهجة أهل الإمارات الأصيلة، وهي هنا تقدم نموذج الممثل الذي يحمل جرس ولغة ولهجة ناسه وأرضه، إنها مثال حقيقي للإماراتية المعبرة عن البيئة والناس والحياة الاجتماعية، في ظل خليط اللهجات الدخيلة على الإمارات، وقد عانت الدراما الإماراتية من تعدد اللهجات وحتى من الزي المحلي والهيئة والصورة ومخارج الحروف من الممثلين. رزيقة الطارش وسلطان النيادي وممثلو المنطقة الشرقية ورأس الخيمة، تشعر بجرس البيئة في لهجتهم والتعبير عنها بصورة دقيقة، أما البعض فلا. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com