استوقفتني لوحة للرسام المستشرق الفرنسي نصر الدين دينات تتحدث عن «لباس العيد» وفيها فتيات يقمن باللمسات الأخيرة لتجهيز طفلة لاستقبال العيد مرتديات الملابس التقليدية، لوحة تنقل صورة مباشرة عن زينة العيد وأهميته وتجسد لنا لمحة من شكل الحياة الشرقية، لوحة مصورة لدينات ضمن العديد من اللوحات التي رسمها وقدمها للعالم. لكل منا لوحة يحتفظ بها في ذاكرته قد لا تشبه لوحة دينات، ولكنها راسخة في الأذهان ولا أحد يراها كما هو الحال مع لوحة «لباس العيد» وتظل لوحة عالقة في مخيلتنا، ولا نستعيدها إلا في المناسبة التي رسمت فيها. ودائما ما يرتبط العيد في أذهان الكبار بالذكريات فيما يرسم الصغار ذكرياتهم الخاصة، ليلتقطوا لهم لوحة ترسو في مخيلتهم ويقصونها لأبنائهم. وتتقاطع في العيد أمس الكبار مع حاضر الصغار بفرحة الاستقبال، وبهجة اللقاء. في العيد تعود حكايات الماضي ويحلو سمر اليوم على صخب الأطفال، وصوت دراهمهم التي لم تعد كما كانت مجلجلة، لم تعد هذه العملة المعدنية جزءاً من لوحتهم كما هي جزء من لوحاتنا. في العيد كان صوت الدراهم يُنبئنا بالخير المقبل لأيادينا الصغيرة الطامعة بجمع أكبر عدد ممكن من «العيدية»، لوحتنا تختلف باختلاف الزمن ولكننا نتفق على القاعدة البيضاء التي رسمنا فيها لوحتنا وملأناها بألوان الفرح الذي يمتاز به العيد. ولوحات كثيرة عالقة في أذهاننا لوحات تكون أكثر جمالاً كلما رجع بنا الزمن إلى الوراء، هو الحنين الراسخ في وجداننا هي الطفولة التي لم نرتو منها بعد هم الأهل الذين كانوا والأصدقاء والجيران، هو ذلك المنزل الصغير وتلك الزيارات الممتدة، هو ذلك الوقت الذين ملكناه وتلك اللحظة التي لن تنسى، في هذه الأجواء كانت لوحتنا ترسم بأدواتنا البسيطة. ولكل جيل أدواته الخاصة ولا تهم حقا نوعية الفرشاة التي نستخدمها بقدر اللوحة التي نختزنها للغد لأنها تحمل جزءاً من وجداننا. والعيد دعوة مفتوحة للفرح، دعوة للتراحم والتلاحم والترابط بين الأهل والجيران والأصحاب، دعوة تحمل لنا الحنين إلى طفولة وذكرياتها الراسخة. ولم تختلف رائحة العيد وإن اختلفت المعالم والأفراد لم تختلف على الرغم من أن هناك أحباء غادرونا إلا أنهم ما زالوا باقين معنا بأرواحهم. لم يختلف العيد لأن العيد عيد ولا يمكن للعيد إلا أن يكون عيدا مملوءا بالفرح والبهجة. رسم نصر الدين دينات لوحته، عن العيد ليتكلم العالم عن محتواها، ولكن لوحتنا نحن نتحدث عنها فلا أحد يراها سوانا ولا أحد عاصرها وشعر بها إلا نحن، ليكن عيدا سعيدا و»عساكم من عواده». ameena.awadh@admedia.ae