الاقتصاد الحر لا يعني الاحتكار·· آلية السوق لا تعني الفوضى ولا يدخل في قوانينها الابتزاز والاستغلال·· وعندما يتعلق الأمر بحقوق المستهلك فإن الشفافية في توفير المعلومات وتوضيح الحقائق يجب أن تكون الخيار الوحيد·
نحن مع الاتحاد التعاوني ممثلا في الجمعيات التعاونية، في معركته ضد المستغلين والجشعين، ضد الموردين الذين أغضبتهم مشاعر الفرح التي عمت كل البلاد بعد مكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورعاه بزيادة الرواتب، فقرروا رفع الأسعار المرتفعة بالفعل وبما يزيد على قيمة المكرمة· نحن مع الاتحاد التعاوني ومع كل الجهات المسؤولة في الدولة التي قررت العمل على إعادة الانضباط لأسواقنا ووقف انفلات الأسعار الذي يعكس قدرا كبيرا من ضيق الأفق وغياب الوعي الاقتصادي وتعمد الإضرار بالمجتمع لدى فئة لا يستهان بها من تجارنا·· وبرغم التأييد الكامل لهذه الجهود إلا أننا لا نتفق مع هؤلاء الذين لوحوا بورقة القائمة السوداء كاختيار أخير في المواجهة مع الموردين المطالبين برفع الأسعار· كنا نتمنى منهم ألا يكتفوا بالتلويح والتلميح، وأن ينتقلوا ـ وقد وصل الأمر إلى حد التهديد بوقف التوريد ـ إلى التصريح·· فإعلان أسماء موردي القائمة السوداء وأصناف السلع التي يحتكرون توريدها ليس تشهيرا كما جاء على لسان أحد مسؤولي الجمعيات التعاونية بل إعلانا للحقائق وتوفيرا للمعلومات بهدف إشراك المعني الأول بالمشكلة وهو المستهلك في متابعة تفاصيل المواجهة·
والحقائق والتفاصيل التي ذكرها مسؤولو الجمعيات التعاونية والمنشورة في عدد الاتحاد اليوم تؤكد الحاجة إلى تدخل كل الجهات المعنية لوضع ضوابط دائمة تحكم سوق السلع الاستهلاكية مع عدم إغلاق هذا الملف حتى لو انتهت المواجهة بتراجع موردي القائمة السوداء عن ابتزازهم·· لأن أحدا لا يضمن عدم تكرار المحاولة بعد هدوء العاصفة·· يجب أن تتدخل غرف التجارة والصناعة بكل ثقلها·· يجب أن تتدخل البلديات بكل أدواتها وإمكانياتها·· يجب تفعيل ودعم جمعية حماية المستهلك لتقوم بدور مؤثر في حماية السوق من كل مظاهر الاستغلال·
فليس معقولا ولا مقبولا أن يصل هامش الربح في بعض السلع إلى 200 بالمائة·· وهو ما لو تأكد يضعنا أمام جريمة اقتصادية متكاملة الأركان·· وليس مقبولا أن نستسلم للموردين المستغلين فيما نستطيع استيراد سلعهم بشكل مباشر وتوفيرها للمستهلك بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار التي تباع بها·· وقبل ذلك والأهم من كل ذلك·· ليس مقبولا أن يبقى الحال على ما هو عليه فيما تكتفي الجهات المعنية بموقع المشاهد·